الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
الثقة بالنفس والرضا عن الذات مشاعر لا تتعارض مع الدين، فالإسلام لا يدعو المسلم أن يكون ضعيف النفس، متردداً، إلى الحد المثبط والمقعد عن العمل، بل الشريعة تأمر بالقوة والثبات والتفاؤل، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ، خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ، احْرِصْ عَلَى ما يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللهِ وَلا تَعْجَزْ، وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ، فَلا تَقُلْ: لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا. وَلَكِنْ قُلْ: قَدَرُ اللهِ وَما شَاءَ فَعَلَ، فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ) رواه مسلم.
كما أن الإسلام يعزز في نفس المسلم مشاعر الثقة والاستقلال الفكري والنفسي، تجد ذلك في حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تَكُونُوا إِمَّعَةً، تَقُولُونَ: إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَحْسَنَّا، وَإِنْ ظَلَمُوا ظَلَمْنَا! وَلَكِنْ وَطِّنُوا أَنْفُسَكُمْ: إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَنْ تُحْسِنُوا، وَإِنْ أَسَاءُوا فَلاَ تَظْلِمُوا) رواه الترمذي (رقم/2007) وقال: حسن غريب.
ولكن يجب أن يحرص المسلم على أن لا تطغى هذه الثقة بالنفس فتغدو تكبراً أو طيشاً، ولا تطغى مشاعر الرضا عن الذات إلى حد الرجاء المفرط ونسيان الخوف من الله تعالى، بل يجب أن يعيش المؤمن بين جناحي الخوف والرجاء بالتوازن الذي كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم في سيرته العملية. والله أعلم.