الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
بداية نسأل الله تعالى أن يُثبتنا وإياك على الإيمان، ويكتب لنا ولك أجر المصابرة على التزام شرع الله وأحكام دينه.
وقد سبق في موقعنا في الفتوى رقم: (627) بيان حكم الإفرازات التي تنزل عند كثير من النساء، وأن الأصل فيها النجاسة إذا خرجت من عمق الرحم، وتنقض الوضوء. أما إن خرجت من ظاهر الفرج أو لم تستطع المرأة تحديد مكان خروجها فالأصل الطهارة ولا تنقض الوضوء.
فإذا كان ما ينزل عليك من الباطن (أي الداخل) فالواجب عليك أن تحرصي على غسل ما أصاب ثيابك منه ثم تتوضئي وتُصلّي، ولكن إن وَجَدْتِ مشقة في ذلك بسبب إخفاء إسلامك وخشيتك الضرر على نفسك من ذلك؛ فلا حرج عليك في تقليد ما ذهب إليه بعض المالكية أن السلس - أي الذي ينزل بكثرة وإن لم يستغرق أكثر الوقت - لا ينقض الوضوء مطلقاً، وقد سبق نقل هذا القول عنهم في الفتوى رقم: (1872).
كما لا يجب عليك غسله في معتمد مذهب المالكية الذين قالوا: إن من نزل عليه نواقض الوضوء بغير إرادة بشكل متكرر؛ فإنه مما تعفو عن مثله الشريعة.
جاء في كتب المالكية: "وعفي عما يعسر الاحتراز عنه من النجاسات، وهذه قاعدة كلية، كحدث - بولاً أو مذياً أو غيرهما - مُستنكِح أي ملازم كثيراً، بأن يأتي كل يوم ولو مرة، فيُعفى عما أصاب منه... وأما كونه ينقض الوضوء أو لا فشيء آخر له محل يخصه" انتهى من "حاشية الدسوقي" (1/ 71).
والخلاصة أنه إن شق عليك الوضوء وغسل النجاسة التي يتكرر نزولها؛ فلا حرج عليك في الصلاة على وضوئك السابق، والله عز وجل يتقبل منا ومنك. والله أعلم.