الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
الأولى الالتزام بالنذر الذي تلفظت به ونويته كما هو مذهب الشافعية، وأجاز فقهاء الحنفية إخراج جميع الزكوات والنذور والكفارات بالقيمة، كما قال صاحب "رد المحتار": "نذر أن يتصدق بهذا الدينار فتصدق بقدره دراهم، أو بهذا الخبز فتصدق بقيمته؛ جاز عندنا".
وجاء في "الاختيار لتعليل المختار" (1/ 102): "يجوز فيها [يعني الزكاة] دفع القيمة، وكذا في الكفارات والنذور وصدقة الفطر والعشور؛ لقوله تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً) التوبة/103، وهذا نص على أن المراد بالمأخوذ صدقة، وكل جنس يأخذه فهو صدقة، وقول معاذ لأهل اليمن حين بعثه صلى الله عليه وسلم إليهم: "ائتوني بخميس أو لبيس مكان الذرة والشعير؛ فإنه أيسر عليكم، وأنفع لمن بالمدينة من المهاجرين والأنصار". وكان يأتي به رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يُنكر عليه" انتهى.
ونحن نختار الفتوى بجواز دفع القيمة في النذور والكفارات كما ذهب إليه الحنفية؛ استدلالاً بأثر معاذ بن جبل، وقد رواه البخاري رحمه الله في صحيحه معلقاً بصيغة الجزم.
والإطعام عند الحنفية: نصف صاع من بُرٍّ, كما قال ابن عابدين: "وكذا لو قال: لله علي إطعام مسكين. لزمه نصف صاع بُرٍّ".
فمن نذر إطعام ستين مسكيناً لزمه إخراج ثلاثين صاعاً من البُرِّ، أو قيمتها من النقد. وقد قدر الدكتور وهبة الزحيلي الصاع عند الحنفية بـ(2.176) كغم، كما في "الفقه الإسلامي وأدلته" (1/ 142)، وقدره آخرون بأنه (3.25) كغم، كما في "المكاييل والموازين الشرعية" (ص/37).
ومن نذر أن يكسو ستين مسكيناً لزمه أن يشتري لكلٍّ منهم ثوباً "يستر عامة بدنه"، ولا يقتصر على قطعة واحدة كالسراويل، ولذلك نحن نقدر قيمة هذا الكساء للمسكين بعشرة دنانير في المتوسط. والله أعلم.