الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
يجب على المسلم أن يتجنب الحلف بالله تعالى إلا عند الحاجة، يقول الله تعالى: (وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) البقرة/224.
يقول الخطيب الشربيني رحمه الله: "اليمين مكروهة - في الجملة - للنهي عنها بقوله تعالى: (وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ)؛ أي: لا تُكثروا الحلف بالله؛ لأنه ربما يعجز عن الوفاء به. قال حرملة: سمعت الشافعي يقول: ما حلفت بالله صادقاً ولا كاذباً...
إلا في طاعة؛ مِنْ فِعْلِ واجبٍ أو مندوب، وتَرْكِ حرام أو مكروه، فطاعة... قال النووي رحمه الله: وكذا لو احتاج إليها لتوكيد كلام وتعظيم أمر، فالأول كقوله صلى الله عليه وسلم: (فوالله لا يملُّ الله حتى تملُّوا)، والثاني كقوله: (لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً). وضابطه الحاجة إلى اليمين" انتهى من "مغني المحتاج" (6/ 188).
فإذا حلف شخص يميناً بالله وكان مدركاً لما يقول وجب عليه الوفاء بيمينه ما لم يكن المحلوف عليه محرَّماً شرعاً؛ فقد ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الغضبان مكلف في حال غضبه ويؤاخذ بما يصدر عنه من كفر وقتل نفس وأخذ مال بغير حق وطلاق وغير ذلك من عتاق ويمين. قال ابن رجب في "جامع العلوم والحكم" (1/ 375): "ما يَقَعُ مِنَ الْغَضْبانِ مِنْ طَلَاقٍ وَعِتَاقٍ أَوْ يَمِينٍ؛ فَإِنَّهُ يُؤَاخَذُ بِذَلِكَ كُلِّهِ".
فالأولى أن يُكفِّر عن يمينه لقوله صلى الله عليه وسلم: (مَن حلف على يمين، فرأى غيرها خيراً منها؛ فليأتها، وليُكفِّر عن يمينه) رواه مسلم. فإذا حنث بيمينه وجب عليه كفارة عن كل يمين يحلفها، وكفارة اليمين: إطعام عشرة مساكين - لكل مسكين مد طعام، وتقديره بالقيمة هذه الأيام: ما بين ستين قرشاً إلى الدينار -، أو كسوة عشرة مساكين، فإن لم يستطع فيجب عليه صيام ثلاثة أيام. والله أعلم.