الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
إذا وقع الدفن في أوقات النهي عن الصلاة ومنها: عند الشروق والغروب فيُنظر:
1. إذا كان عن قصد للدفن في هذه الأوقات، وتحرٍّ خاص لها؛ فالحكم الكراهة، لحديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه قال: (ثَلَاثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَانَا أَنْ نُصَلِّيَ فِيهِنَّ أَوْ أَنْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا: حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ، وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ حَتَّى تَمِيلَ الشَّمْسُ، وَحِينَ تَضَيَّفُ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ حَتَّى تَغْرُبَ) رواه مسلم.
2. أما إذا وقع الدفن في هذه الأوقات عن غير قصد ولا تحرٍّ، وإنما وقع عرضًا واتفاقًا، وكان الظرف هو الدافع لذلك؛ فلا حرج في الدفن حينئذ ولا كراهة كما يقرره فقهاؤنا؛ لأن الأصل الجواز، ولا دليل على الكراهة إلا حديث عقبة بن عامر السابق، والحديث ظاهره يدل على الكراهة في حال التحري والقصد، وليس على الكراهة مطلقًا.
يقول الإمام النووي رحمه الله: "الدفن في الأوقات التي نُهي عن الصلاة فيها إذا لم يتحره ليس بمكروه عندنا، نص عليه الشافعي في الأم في باب القيام للجنازة، واتفق عليه الأصحاب".
وأجاب القاضي أبو الطيب والمتولي وغيرهما -عن حديث عقبة بن عامر السابق- بأن النهي عن تحري هذه الأوقات للدفن، وقصد ذلك. قالوا: وهذا مكروه. فأما إذا لم يتحره فلا كراهة، ولا هو مراد الحديث". انتهى باختصار [المجموع 5/ 272].
ومع ذلك فالسنة الدفن في غير هذه الأوقات، كما يقول الخطيب الشربيني رحمه الله: "وغير الليل ووقت الكراهة فاضل، بشرط أن لا يُخاف من تأخيره إلى غيرهما تغيرًا، لسهولة الاجتماع والوضع في القبر" انتهى باختصار [مغني المحتاج 2/ 54]. والله أعلم.