الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
إزهاق الروح متى خلا عن النية والقصد هو قتل خطأ، قال الله تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا) النساء/92؛ ولذلك أوجب العلماء على القاتل خطأً الدية والكفارة بالإجماع.
واختلفوا في توريث القاتل من المقتول، فذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة إلى أن القاتل لا يرث من المقتول شيئاً، ولو كان القتل بطريق الخطأ.
قال الإمام السرخسي: "اعلم بأن القاتل بغير حق لا يرث من المقتول شيئاً عندنا، سواء قتله عمداً أو خطأً" انتهى من "المبسوط" (30/47)
كما قال الخطيب الشربيني: "لا يرث قاتل من مقتوله مطلقاً؛ لخبر الترمذي وغيره: (ليس للقاتل شيء)؛ أي: من الميراث، ولأنه لو ورث لم يؤمن أن يستعجل الإرث بالقتل، فاقتضت المصلحة حرمانه؛ ولأن القتل قطع الموالاة وهي سبب الإرث، وسواء أكان القتل عمداً أم غيره، مضموناً أم لا" ينظر "مغني المحتاج" (4/47)
وجاء في "كشاف القناع" (4/492) - من كتب الحنابلة -: "فالقتل بغير حق من موانع الإرث، عمداً كان القتل، أو شبه عمد، أو خطأ".
أما المالكية فإنهم يورثون القاتل خطأً من التركة، كما جاء في "الشرح الكبير" (4/486) للشيخ الدردير: "لا يرث قاتل مخطئ من الدية، ويرث من المال"
وهذا ما أخذ به قانون الأحوال الشخصية الأردني في المادة (281) ونصها: "يُحرَم من الإرث مَن قتل مورِّثه عمداً عدواناً"، فورَّث القانون القاتل خطأ.
وعليه فإن من أخذ برأي الجمهور فهو أولى وأبرأ للذمة، ومن أخذ برأي المالكية فلا حرج عليه.
والأصل في الإنسان - فضلاً عن المسلم - أخذ الحيطة والحذر في مثل هذه الأمور من تنظيف سلاح وغيره، وكم تكررت مثل هذه المآسي نتيجة قلة الحرص والانتباه الذي يصل أحياناً حد الإهمال والاستهتار. والله تعالى أعلم.