الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
الولائم على نوعين:
الأول: ولائم عامة يُدعى لها جميع الناس، وليست خاصة بأشخاص معينين، كولائم الأفراح وغيرها؛ فهذه لا مانع من حضور المسؤولين لها، شريطة عدم اشتمال الوليمة على المخالفات الشرعية أو المنكرات.
الثاني: الولائم الخاصة، وهي التي تُصنع للمسؤولين لتحقيق مصلحة شخصية أو محاباة له؛ فإنه يَحْرُمُ ابتداءً عمل مثل هذه الولائم؛ لأنها قد تدخل في باب الرشوة المقصودة لتحقيق المصالح خارج إطار النظام والقانون، وقد (لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّاشِيَ وَالمُرْتَشِيَ) رواه أبو داود والترمذي، ولأنها لم يُرَدْ بها الإحسان ولا الإكرام، وإنما يراد بها الرياء والسمعة، وقد ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: "شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ؛ يُدْعَى لَهَا الأَغْنِيَاءُ، وَيُتْرَكُ الْفُقَرَاءُ" رواه البخاري موقوفاً على أبي هريرة رضي الله عنه.
كما يَحْرُمُ على المسؤول إجابة مثل هذه الدعوات؛ فعن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه قال: اسْتَعْمَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَجُلاً مِنَ الأَزْدِ يُقَالُ لَهُ ابْنُ اللُّتْبِيَّةِ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَلَمَّا قَدِمَ قال: هَذَا لَكُمْ، وَهذَا أُهْدِيَ لِي. فقَالَ النبي صلى الله عليه وسلم: (فَهَلاَّ جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ أَوْ بَيْتِ أُمِّهِ، فَيَنْظُرَ يُهْدَى لَهُ أَمْ لاَ...) متفق عليه.
أما إن كانت الوليمة بين من اعتادوا أن يتبادلوا الولائم فيما بينهم دون مصلحة يرجوها طرف من آخر؛ كأن تكون بسبب علاقة أو صداقة قديمة أو بسبب صلة قرابة؛ فلا بأس بحضورها حينئذ، بشرط أن لا يُزاد فيها على القدر الذي كان يُتعارف عليه سابقاً.
وعلى المسؤول الذي تم تكليفه برعاية شؤون المواطنين ومصالحهم أن يكون عادلاً منصفاً، وأن يتقي الله تعالى، وأن يعلم أنه مسؤول عنهم يوم القيامة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ) متفق عليه.
ولا يتم ذلك إلا بالبعد عن مواطن الشبهات؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (فَمَن اتَّقى الشُّبهاتِ استبرأ لدينه وعِرضه) متفق عليه، وأيضاً بالتعفف عن كلِّ ما يُدخل الريبة إلى قلبه أو يجعله موضع ارتياب بين الناس، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لاَ يَرِيبُكَ) رواه الترمذي وقال: حديث صحيح. والله أعلم.