الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
يجب على المأموم أن يصلي قائماً ولا يتابع إمامه القاعد لعذر، وهذا مذهب جمهور الفقهاء، محتجين بحديث عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - في قصة مرض النبي صلى الله عليه وسلم -: (فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى جَلَسَ عَنْ يَسَارِ أَبِي بَكْرٍ، فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي قَائِمًا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي قَاعِدًا، يَقْتَدِي أَبُو بَكْرٍ بِصَلاَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالنَّاسُ مُقْتَدُونَ بِصَلاَةِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) رواه البخاري (رقم/713).
قالوا: وهذا الحديث كان في آخر حياة النبي صلى الله عليه وسلم، في مرض موته، فهو ناسخ لما سبقه من الحديث الصحيح: (وَإِنْ صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا).
لذلك قال الإمام البخاري رحمه الله - عقب روايته حديث (وَإِنْ صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا)-: قال الحميدي: هذا الحديث منسوخ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم آخر ما صلى صلى قاعداً والناس خلفه قيام.
يقول ابن حجر رحمه الله: "استُدل به على نسخ الأمر بصلاة المأموم قاعداً إذا صلى الإمام قاعداً؛ لكونه صلى الله عليه وسلم أقر الصحابة على القيام خلفه وهو قاعد، هكذا قرره الشافعي، وبذلك يقول أبو حنيفة، وأبو يوسف، والأوزاعي، وحكاه الوليد بن مسلم عن مالك، وأنكر أحمد نسخ الأمر المذكور بذلك، وجمع بين الحديثين بتنزيلهما على حالتين" فتح الباري (2/ 176).
وقد سبق في موقعنا في الفتوى رقم: (424) تقرير هذه المسألة، يمكن مراجعتها هناك. والله أعلم.