الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
الفاتحة ركن من أركان الصلاة لا تصح الصلاة إلا بها، ومن شك في قراءتها فحكمه على التفصيل الآتي:
أولا: إذا شك أنه تركها كلها أصلا ولم يقرأها: لزمه العود إليها وقراءتها كاملة.
ثانيا: إذا شك أنه ترك شيئا منها قبل أن يتم قراءتها: لزمه أن يعيد قراءتها من جديد.
ثالثا: إذا شك أنه ترك شيئا منها ولكن بعد أن فرغ من القراءة: لم يلزمه شيء.
يقول الخطيب الشربيني رحمه الله: "لو شك هل قرأها أو لا لزمه قراءتها؛ لأن الأصل عدم قراءتها، أو شك هل ترك منها شيئا بعد تمامها لم يؤثر، فإن شك في ذلك قبل تمامها استأنفها" "مغني المحتاج" (1/356).
غير أن كثير الشك الذي وصل إلى حد الوسواس، ولم يتمكن من التخلص من وسواسه، فلا علاج له إلا التغافل عن شكوكه، والعمل بما يفتي به فقهاء المالكية والشافعية رحمهم الله، بالإعراض عن الشك والوسواس، وعدم العمل به، فيمضي في صلاته ولا يتدارك ما شك فيه.
جاء في "بغية المسترشدين" (ص/66): "لا أثر لشكه لأنه حينئذ وسوسة"، وجاء أيضا (ص/7): "الاحتياط حينئذ ترك الاحتياط".
ويقول الحطاب المالكي رحمه الله: "من استنكحه الشك في الصلاة - أي داخَلَه وكَثُرَ منه - فإنه يسجد بعد السلام، ويلهو عن الشك، أي فلا يُصلح ما شك فيه ولو شك في الفرائض - ثم نقل عن العتبية من سماع أشهب عن مالك قوله -: ومن شك في قراءة أم القرآن: فإن كثر هذا عليه لَهَا عن ذلك، وإن كان المرة بعد المرة فليقرأ، وكذلك سائر ما شك فيه" "مواهب الجليل" (2/19).
والله أعلم.