الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
شريعة الإسلام شريعة الرحمة والتيسير، جاءت برفع الحرج عن الناس وتخفيف المشقة عنهم، كما قال عز وجل في وصف نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: (وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ) الأعراف/157.
ومن ذلك أن صاحب الصنعة الشاقة الذي يحتاج حرفته لتحصيل نفقته ونفقة عياله يجب عليه أن يشرع في الصيام وقت الفجر بعد تحقيق النية، ثم يشرع في عمله وتكسبه، فإذا لحقته مشقة شديدة غير معتادة تمنعه من إتمام صومه جاز له الفطر ذلك اليوم، ويلزمه قضاؤه في مستقبل أيامه حين يتيسر له القضاء، ولا يجوز له أن يبدأ يومه مفطرا من غير صوم؛ لأن الميسور لا يسقط بالمعسور، فإذا تيسر له صيام أول النهار قبل أن تلحقه المشقة فلا يجوز له الفطر بسبب المشقة التي لم تدركه بعد؛ لذلك قال فقهاؤنا رحمهم الله: "يجب عليهم تبييت النية -بالصوم-؛ لأنه ربما لا تلحقهم مشقة شديدة".
ولذلك نوصي بالحرص على نية الصيام والشروع فيه، ونذكر أصحاب الصنائع الشاقة بأن الله عز وجل مطلع على أحوالهم، ويكتب لهم أجرهم مضاعفا، فقد قال عليه الصلاة والسلام: (إن لك من الأجر على قدر نصبك) رواه الحاكم وأصله في "الصحيحين". والله أعلم.