الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
التنقيب عن الآثار من الأعمال التي تشرف عليها الدولة أو ولي الأمر، يتم فيها التفتيش عن آثار الأمم السابقة، مسلمة كانت أم غير مسلمة، ثم إظهارها وإبرازها للناس.
والناس بعد ذلك لهم في هذه الآثار اتجاهات شتى:
فمن زارها ونظر إليها لاتخاذ العبرة والعظة أو للاطلاع على تاريخ الأمم وحضارات الشعوب، وخاصة إذا كانت آثارا إسلامية تظهر عظمة التاريخ الإسلامي: فذلك مقصد صحيح وغرض شرعي مقبول، إذ القرآن الكريم مليء بالدعوة إلى التفكر والتأمل في آثار الأمم السابقة، كما قال تعالى: (قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ) آل عمران/137، وقال عز وجل عن قوم ثمود: (فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) النمل/52، وقال سبحانه عن قوم لوط: (وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) العنكبوت/35.
أما إذا كانت آثارا غير إسلامية، ونظر إليها الزائر نظر تقديس ديني، فقد وقع في المحذور.
وعلى كل حال فالعامل في التنقيب تحت إشراف وزارة الآثار لا إثم عليه، فقد أقره النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك حين قال: (وفي الركاز الخمس) متفق عليه، فإيجاب الزكاة على من وجد شيئا من آثار السابقين يتضمن الإذن بتملك ذلك الركاز وبيعه وشرائه، إلا إذا اشتمل على الأصنام والتماثيل أو غيرها من المحرمات، فلا يحل الانتفاع بها حينئذ.
أما من يعمل في التنقيب عن الآثار لحسابه الخاص، فقد خالف الأنظمة التي وُضعت لمصلحة الأمة عامة، وعرض تلك المصلحة للاعتداء، فلا يحل له ذلك. والله أعلم.