الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه لا حرج على المرأة المتزوجة أن تأخذ من شعر حاجبيها إذا كان غرضها التزين لزوجها.
واستدلوا على ذلك بأن تزين الزوجة لزوجها أمر مقصود ومشروع؛ لما فيه من دوام الألفة والمحبة وزيادة المودة التي تعود على الأسرة بالسعادة.
كما استدلوا بالأثر الذي يرويه الإمام عبد الرزاق في "المصنف" (3/146) عن امرأة أبي إسحاق أنها دخلت على عائشة رضي الله عنها وكانت شابة يعجبها الجمال، فقالت: المرأة تحف جبينها لزوجها؟ فقالت: أميطي عنك الأذى ما استطعت.
وقالوا هذا لا يدخل في لعن النامصة الوارد في حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (لَعَنَ اللهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ، وَالنَّامِصَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ، وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللهِ) رواه مسلم.
يقول الخطيب الشربيني رحمه الله: "إذا أذن لها الزوج في ذلك فإنه يجوز; لأن له غرضا في تزيينها له، وقد أذن لها فيه" انتهى من "مغني المحتاج" (1/407).
ويقول ابن عابدين رحمه الله: "لعله - يعني الحديث - محمول على ما إذا فعلته لتتزين للأجانب, وإلا فلو كان في وجهها شعر ينفر زوجها عنها بسببه ففي تحريم إزالته بعد؛ لأن الزينة للنساء مطلوبة للتحسين, إلا أن يحمل على ما لا ضرورة إليه لما في نتفه بالمنماص من الإيذاء" انتهى من "رد المحتار" (6/373).
وهو مذهب المالكية مطلقا كما في "حاشية العدوي" (2/459)، وأما الحنابلة فأجازوا قص الحاجبين مطلقا في معتمد مذهبهم، فقد قال الإمام أحمد رحمه الله: "أكره النتف، والحلق ليس به بأس" انتهى كما في "مسائل الإمام أحمد" (9/4897)، وانظر: "الفروع" (1/160). والله أعلم.