البدع أضراب:
أحدهما: ما دلت عليه الشريعة على أنه مندوب أو واجب، ولم يفعل مثله في العصر الأول، فهذا بدعة حسنة.
والثاني: ما دلت الشريعة على تحريمه أو كراهته، مع كونه لم يعهد في العصر الأول، فهذه بدعة قبيحة.
الثالث: ما دلت الشريعة على إباحته، مع كونه لم يعهد في العصر الأول، فهذا من البدع المباحة.
وقص الشعر على وفق السنة ليس بمكروه ولا معدود من البدع، وأما الحلق الذي تمس إليه الحاجة فلا بأس به أيضاً، وقد أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بغلام قد حلق بعض رأسه فقال: (هلا حلقتم كله أو تركتم كله) [رواه أبو داود، ومسلم بمعناه].
أما حلق الرأس في غير النسك، فإن كان لمرض فهو ضرب من التداوي المأمور به، وإن كان لغير عذر فهو مباح، والمساعدة عليه محبوبة إن كان تداوياً، وجائزة إن كان مباحاً، وقد كان الغالب على الصحابة رضي الله عنهم قص الشعر، ولذلك كان الحلق من شعار الخوارج، وليس تعاطي ذلك بمحرم.
أما القص فهو على وفق ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم، فإن فعله الشيخ بالتائب كان مساعداً له على أمر كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم، وليس ذلك ركناً من أركان التوبة، ولا شرطاً من شروطها. والله أعلم.
"فتاوى العز بن عبد السلام" (رقم/72)