من تحتم قتله بذنب من الذنوب لم يجز له أن يقتل نفسه، وستره على نفسه مع التوبة أولى به.
فإن أراد تطهير نفسه بالقتل: فليقرّ بذلك عند ولي الأمر ليقتله على الوجه الشرعي، فإن قتل نفسه لم يجز له ذلك، لكنه إن قتل نفسه قبل التوبة كان ذنبه صغيرة لافتئاته على الإمام، ويلقى الله تعالى عاصياً فاسقاً بالجريمة الموجبة للقتل.
وإن قتل نفسه بعد التوبة: فإن جعلت توبته مسقطة لقتله فقد لقي الله تعالى فاسقاً بقتله نفسه، لأنه قتل نفساً معصومة، وإن قلنا لا يسقط قتله بتوبة: أتى الله عز وجل عاصياً بافتئاته على الأئمة، ولا يأثم بذلك إثم مرتكب الكبائر، لأنه فوت حياة يستحق الله تعالى تفويتها، وأزهق روحاً يستحق الرب سبحانه وتعالى إزهاقها، وكان الأصل يقتضي أن يجوز للآحاد القيام بحق الله تعالى في ذلك، لكن الشرع فوضه إلى الأئمة كيلا يوبط(*) الاستبداد به في الفتن. والله أعلم.
"فتاوى العز بن عبد السلام" (رقم/108)
(*) يقال: أردتُ حاجةً فوَبَطني عليها فلانٌ، أي حبسني، الصحاح في اللغة (2 /264) . فيكون معنى العبارة: "كيلا يؤدي الاستبداد باستيفاء حقوق الله، والتي هي من صلاحيات الإمام إلى وقوع الفتن في المجتمع".