من زعم أنا لا نحتاج إلى الدعاء فقد كذب وعصى ويلزمه أن يقول: لا حاجة بنا إلى الطاعة والإيمان، لأن ما قضاه الله تعالى من الثواب والعقاب لا بدّ منه.
ولا يدري هذا الأخرق الأحمق أن مصالح الدنيا والآخرةِ قد رتبها الله سبحانه وتعالى على الأسباب، ومن ترك الأسباب بناءً على ما سبق به القضاء لا يُغَيِّرهُ الدعاء، لزمه أن لا يأكل ولا يشرب إذا جاعَ وعطش، ولا يتداوى إذا مرض، ولا يلبس إذا برد، وأن يلقى الكفار بغير سلاح، ويقول في ذلك كله: ما قضاه الله تعالى لا يرد. وهذا لا يقوله مسلم ولا عاقل، وما أجرأ هذا الجنس على الجرأة على الله تعالى بإنكار الشرع، وما ركزه الله تعالى في الطبع.
ولقد قال بعض مشايخ الضلال منهم: لا يجوز التداوي؛ لأنه شرك واعتماد على الأسباب، فكان جوابه: لا يأكل، ولا يشرب، ولا يلبس، ولا يركب، ولا يدفع عن نفسه من أراد قتله، ولا عن أهله من قصدهم بالزنا والفواحش، فبهت الذي فجر، والله لا يهديه وأمثاله إلى الحق والصواب. والله اعلم.
"فتاوى العز بن عبد السلام" (رقم/153)