أما ولاية الإمامة فلا يحق لمن جُعِل له الرزق على الإمامة أن يتناوله إلا أن يقوم بالإمامة على مقتضى الشرط، أو مقتضى العادة في من يعد ملازما للمسجد، ولا يستنيب إلا لعذر جرت العادة بالاستنابة فيه، كالمريض والمحبوس ونحوهما.
وإن استناب بغير إذن الناظر لم يستحق شيئا؛ لأنه لم يوله ناظر ولا نائب عن ناظر، وإن أذن له الناظر في الاستنابة جاز أن يستنيب ولا حق له فيما يجب لمن قام بالإمامة، وإن أذن له النائب في أخذ بعض ذلك لم يحل للنائب ولا للمأذون له في الاستنابة.
وليس القائم بالإمامة بنائب عن المستنيب، بل هو مستقل بالإمامة ليس نائبا فيها عن أحد، فإن تواطأ الناظر ووكيله والقائم بالإمامة على أن يأخذ الإمام البعض، والوكيل البعض لم يجز ذلك، وفي صحة تولية الإمام في هذه الصورة نظر مبني على أن المعلوم كالمشروط أم لا، وإن شرط ذلك في نفس التولية بطلت.
فإن قام بالإمامة لم يستحق شيئا إذا كان الاستحقاق منوطا بالتولية الصحيحة، وإن وقع مثل ذلك من غير اشتراط ولا تواطؤ على ذلك فلا بأس بما يتبرع به الإمام على الوكيل، وهذا في غاية الندور، وقد خرج أكثر الفقهاء عن الصواب في هذه المسألة (وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا) الكهف/104. والله أعلم.
"فتاوى العز بن عبد السلام" (رقم/13)