الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
لا حرج في وضع المدفأة أمام المصلين في المساجد، إذ لم يرد نهي شرعي عن ذلك، والأصل الجواز، ولا يُنتقل عنه إلا بدليل.
وما يذكره بعض فقهاء المذاهب كالمالكية والحنابلة من كراهة الصلاة إلى النار درءاً للتشبه بالمجوس عبدة النار لا يقوى على المنع؛ لأنها ذريعة بعيدة لا تقع في خاطر أي مسلم اليوم، والذرائع المستبعدة لا تؤثر في الحكم الشرعي، كما أن الفوارق العظيمة بين عبادة المسلمين الموحدين وعبادة المجوس تكفي لاستبعاد احتمال مفسدة التشبه بالمجوس؛ ذلك أن الناس في زماننا لا يقصدون التشبه بالمجوس في شيء من أمور حياتهم الدينية أو الدنيوية من قريب أو بعيد.
ولم نقف على كلام لفقهاء الشافعية في الموضوع، ولكن رأينا في نقل العلامة ابن عابدين الحنفي ما يقرر الجواز أيضاً؛ لأن المجوس يعبدون النار الموقدة بالجمر، وليس كل نار، والمدافئ المستعملة في مساجدنا اليوم غالبها تستعمل الغاز وليس الجمر.
جاء عن بعض فقهاء الحنفية قولهم: "لا تُكره الصلاة إلى شمع أو سراج أو نار تُوقد؛ لأن المجوس إنما تعبد الجمر لا النار الموقدة، ذَكَرَ ذلك في (القُنية) في كتاب الكراهية، ونصه: الصحيح أنه لا يُكره أن يصلي وبين يديه شمع أو سراج؛ لأنه لم يعبدهما أحد، والمجوس يعبدون الجمر لا النار الموقدة" انتهى. ينظر: "رد المحتار" (1/ 652) لابن عابدين رحمه الله.
ولكننا نقول: على جميع الأحوال لا تُكره الصلاة اليوم والمدافئ في قبلة المصلين في المسجد؛ لعدم الدليل، فالكراهة حكم شرعي لا تثبت إلا بدليل. والله أعلم.