أضيف بتاريخ : 20-03-2014

 

قرار رقم: (82) التعليق على ما جاء في شريط التسجيل المنسوب إلى الشيخ عبد المجيد الزنداني المتعلق بحياة البرزخ

بتاريخ: 11/ 2/ 1426هـ ، الموافق: 22/ 3/ 2005م

 

 ورد إلينا سؤال يقول فيه صاحبه:

ما حكم ما جاء في شريط التسجيل المنسوب إلى الشيخ عبد المجيد الزنداني المتعلق بحياة البرزخ ؟

 الجواب وبالله التوفيق:

استمع المجلس إلى التسجيل على الشريط المنسوب إلى الشيخ عبد المجيد الزنداني المتعلق بحياة البرزخ، الذي زعم فيه أن البرزخ المذكور في قول الله تعالى: (وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ)  [المؤمنون/100]. موجود في باطن أعماق الأرض الملتهبة بالحرارة الشديدة التي تصل درجتها إلى 2000 درجة فهرنهيت وتعادل ثلث درجة حرارة الشمس وأن الكفار يعذبون في هذا البرزخ، واستدل على ما ذهب إليه بقول الله تعالى: (كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ)   [المطففين/7]. واستدل أيضا بقول الله تعالى: (أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ)   [الملك/16]. وقوله: (مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصَارًا) [نوح/25].

ومما استدل به على رأية المزعوم أن فريقاً روسياً حفر الأرض إلى أعماق بعيدة حتى وصل الحفر إلى الطبقة الملتهبة بالنيران، وأنزل جهازاً في مستوى ذبذبات الأذن البشرية، وكان ما سجله هذا الجهاز أصوات لناس يعذبون وزعم صاحب الشريط أن سجين هو باطن الأرض الملتهبة بالنيران، وأن مَوْر الأرض هو حركات طبقات الأرض الباطنة، وأن النار التي أغرق بها الكفار هي البرزخ، وأن أصوات العذاب التي سجلها الفريق الروسي هي أصوات عذاب الكافرين.

وبعد أَن استمع المجلس إلى التسجيل المذكور رأى ما يلي:

1.معنى البرزخ لغة هو الحاجز بين شيئين، ومعناه في الآية الكريمة: (وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) [المؤمنون/100] الذي ذهب إليه المفسرون (حاجز يحجز من مات من الرجوع إلى الدنيا أو هو الفترة التي بين الموت ويوم البعث) وهو من الأمور الغيبية غير المحسوسة، لا يعلم حقيقته إلا الله، وهو من القضايا التي أدلتها سمعية نقلية نؤمن به كما ورد ولا نزيد عليه.

2.إن تفسير البرزخ الوارد في الشريط بعيد كل البعد عن الأصول المتبعة في التفسير، ولا يمكن قبوله وفق قواعده المعتمدة.

3.إن هذا التفسير للبرزخ باطل من أساسه، والأدلة التي ساقها لا تنطبق نهائيا على ما ذهب إليه؛ لأنه تفسير لأمر غيبي غير محسوس لا يعلم كنهه إلا الله، إذ إِن الأمور الغيبية كحياة البرزخ وعذاب القبر والجنة والنار والبعث يطلب منا الإيمان بها كما جاء الشرع لأننا لا نستطيع أن نحسها، وتعتمد أدلتها على صحة النقل.

  لذلك فإنه من الغريب أن يفسر الزنداني (السجين) في قول الله تعالى: (كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ)  [المطففين/7]  بأنه طبقات الأرض الباطنة الملتهبة بالنيران، لأن السجين هو الكتاب الذي تكتب فيه أعمال الكفار، وهو كتاب مرقوم ـ أي بَيِّنُ الكتابة.

ومن الغريب أن يفسر قوله تعالى: (أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ)  [الملك/16]  بأنه حركات طبقات الأرض الباطنة؛ لأن هذه الآية الكريمة تبين مدى عظم قدرة الله في خسف الأرض وزلزلتهـا في أي وقت يشاء لإنزال عذابه بالمجرمين.

ومن الغريب أن يفسر قول الله تعالى: (مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصَارًا)  [نوح/25] بأنها النار التي في باطن الأرض؛ لأن عذاب الكفار في هذه الأية يكون يوم القيامة.

وأما الاستدلال على هذا الرأي بعمل فريق روسي فهو يحتاج إلى تثبيت علمي مستقل، وإذا ثبت فهو يحتاج إلى تحليل وتفسير علمي، ولا يصح أن يتخذ دليلاً لتنزيل أفهام غريبة على كتاب الله عز وجل تتعلق بأمور غيبية أساسها ثبوت النقل الصحيح عن الوحي الإلهي. والله تعالى أعلم.

 

 

رئيس مجلس الإفتاء

قاضي القضاة / عز الدين الخطيب التميمي

د. عبدالسلام العبادي

د. يوسف علي غيظان

الشيخ سعيد الحجاوي

الشيخ نعيم محمد مجاهد

الشيخ عبدالكريم الخصاونه

د. واصف البكــــري