مسيرة المذهب الشافعي في الأردن

الكاتب : الباحث الدكتور حمزة مشوقة

أضيف بتاريخ : 11-07-2023


مسيرة المذهب الشافعي في الأردن

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

فيعد تنوع المذاهب الأربعة رحمة للأمة الإسلامية، وقد انبثقت هذه المذاهب من مدارس الصحابة الذين توزعوا في الأمصار، فظهر من مدرسة عبدالله بن مسعود رضي الله عنه مذهب أبي حنيفة، وظهر من مدرسة الصحابة في المدينة المنورة مذهب مالك بن أنس، وظهر من مدرسة عبدالله بن عباس رضي الله عنه مذهب الشافعي، وظهر من رحم مذهب الشافعي مذهب أحمد بن حنبل، وثمة مذاهب أخرى انبثقت من مدارس الصحابة ولكنها اندثرت عبر التاريخ الإسلامي مثل مذهب الليث بن سعد والأوزاعي والثوري وغيرهم.

وقد انتشرت هذه المذاهب الأربعة في البلاد الإسلامية، فانتشر المذهب الحنفي في بلاد الترك والتتار والروس والشركس والصين والهند والباكستان، وانتشر المذهب المالكي في الأندلس ومصر وبلاد المغرب العربي وبلاد إفريقيا والإمارات، وانتشر المذهب الشافعي في بلاد الشام ومصر والعراق والحجاز واليمن وجنوب شرق آسيا، وانتشر المذهب الحنبلي في بلاد الخليج العربي وفلسطين وبعض المناطق في سورية.

وفي بلدنا الأردن دخل المذهب الشافعي فيها، وانتشر منذ القرن الرابع الهجري مع حضور للمذاهب الثلاثة الأخرى وخاصة المذهب الحنفي؛ فقد كان له حضوره الكبير في الأردن في عهد الدولة العثمانية وفي العصر الحديث.

وسيستعرض الباحث أبرز محطات مسيرة المذهب الشافعي في الأردن عبر التاريخ الإسلامي:

دخول المذهب الشافعي إلى الأردن:

دخل المذهب الشافعي إلى الأردن في القرن الثالث الهجري على يد القاضي أبي زرعة الدمشقي (ت302هـ)، وقد ولاه ابن طولون أمير مصر القضاء على بلاد الشام (ومنها الأردن)، وحرص على نشر المذهب وتولية القضاة والمفتين الشافعية ونشر المذهب، وكان القضاء قبل ذلك في بلاد الشام على مذهب الإمام الأوزاعي.

وقد عمل القاضي أبو زرعة على نشر المذهب من خلال:

1. التشجيع على حفظ (مختصر المزني) في المذهب الشافعي، فقد كان يمنح أموالاً لمن يحفظ هذا المختصر.

2. لم يكن يولي القضاء إلا من كان شافعي المذهب[1].

وتولى بعد ذلك عدد من القضاة والعلماء الشافعية الذين كان لهم أثر كبير في نشر المذهب في الأردن، ومن أبرزهم[2]:

1. القاضي الحسين بن محمد بن عثمان (المعروف بابن أبي زرعة الدمشقي) (ت327هـ) قضاء مصر والشام، وكثر نوابه في القضاء من علماء الشافعية.

2. الإمام نور الدين الأميوطي (ت656هـ): أقام في الكرك ثلاثين سنة قاضياً ومدرساً.

3. الإمام علاء الدين الباجي (ت714هـ): أقام في الكرك مدة من الزمن يفتي ويدرس.

4. القاضي يوسف بن دانيال الكركي (ت731هـ): مكث في الكرك يفتي ويدرس مدة توليه القضاء.

المدارس الشافعية بالأردن:

اهتمت الدولة الأيوبية والمملوكية بنشر المذاهب الأربعة عموما وبالمذهب الشافعي خاصة، واهتموا بنشر المذهب الشافعي في الأردن، وتم بناء أربع مدارس شافعية في العصر المملوكي وهي:

1. المدرسة الشافعية في الكرك: بناها السلطان محمد بن قلاوون.

2. المدرسة السيفية في السلط: أنشأها الأمير المملوكي سيف الدين الحسامي لتدريس المذهب الشافعي.

3. المدرسة اليقينية في عجلون.

4. مدرسة حسبان.

وقد بنيت مدرسة (صرغتمش) نسبة للأمير المملوكي صرغتمش الناصري نائب السلطنة في القاهرة، وقد بنيت في عمان لتدريس المذهب الحنفي[3].

أشهر أعلام الشافعية الأردنيين:

ظهر عدد كبير من فقهاء الشافعية من أصول أردنية ومن أشهرهم:

1. العلامة حجي بن موسى الحسباني (ت782هـ): قال عنه ابن قاضي شهبة: "فقيه الشام وحافظ المذهب... وَكَانَ يُقَال فُقَهَاء الْمَذْهَب ثَلَاثَة هُوَ أحدهم وخاتمهم"[4].

2. العلامة عماد الدين إسماعيل بن خليفة الحسباني (ت787هـ): أحد أئمة الشافعية، وتولى الفتوى والتدريس.

3. العلامة شهاب الدين أحمد بن حجي بن موسى الحسباني (ت816هـ): لقب بمؤرخ الإسلام، وانتهت إليه مشيخة الشيوخ في البلاد الشامية، من كتبه: تاريخ ابن حجي.

4. القاضي العز بن عبد السلام العجلوني (ت850هـ): تولى القضاء بمصر، وتدريس الحديث بالمدرسة الجمالية، وتدريس الفقه بالمدرسة الخروبية، ثم استقر بمشيخة الصلاحية بالقدس[5].

5. الإمام برهان الدين ابراهيم بن موسى الكركي (ت853هـ): تولى القضاء بمصر، وكان إماماً بارعاً في القراءات والفقه والعربية، قال عنه الإمام البقاعي: "كان إماما عالما، بارعا، مفننا، متضلعا من العلم"[6] ، من مؤلفاته: الإسعاف في معرفة القطع والاستئناف، ولحظة الطرف في معرفة الوقف، ونكت على الشاطبية، والآلة في معرفة الوقف والإمالة، وحل الرمز في وقف حمزة وهشام على الهمز، ودرة القارئ المجيد في أحكام القراءة والتجويد، وشرح ألفية ابن مالك، وإعراب المفصل (من الحجرات إلى آخر القرآن)، ومرقاة اللبيب إلى علم الأعاريب، ونثر الألفية وشرح فصول ابن معطي ومختصر الورقات، وحاشية على تفسير القاضي علاء الدين التركماني، ومختصر الروضة، وشرح تنقيح اللباب للعراقي.

6. الإمام تقي الدين الحصني (ت881هـ) كان إماماً ربانياً، وهو من كبار فقهاء الشافعية المتأخرين، وتولى مشيخة المدرسة الصلاحية[7].

7. العلامة نجم الدين ابن قاضي عجلون (ت896هـ) قال عنه الحافظ السخاوي: "كان إماما علامة متقنا حجة"[8].

8. القاضي عماد الدين المقيري الكركي (ت899هـ): قاضي قضاة الدولة المصرية، وكان يُلقب بصاحب الجناب العالي في عهد الدولة المملوكية[9].

9. الشاعرة الأدبية عائشة الباعونية (ت919هـ) قال عنها نجم الدين الغزي: "أحد أفراد الدهر، ونوادر الزمان فضلاً، وعلماً، وأدباً، وشعراً، وديانةً، وصيانة"[10]، وكان لها منزلة خاصة لدى السلاطين المماليك، من مؤلفاتها: الفتح الحنفي، والملامح الشريفة والآثار المنيفة، ودر الغائص في بحر المعجزات والخصائص وهو قصيدة رائية، والإشارات الخفية في المنازل العلية وهي أرجوزة شعرية فيها منازل السائرين للهروي.

10. شيخ الإسلام تقي الدين أبو بكر ابن قاضي عجلون (ت928ه): قال عنه العلامة نجم الدين الغزي: "انتهت إليه مشيخة الإسلام ورئاسة الشافعية ببلاد الشام بل وبغيرها من بلاد الإسلام، وحصل له من السعد في العلم والرئاسة وكثرة التلامذة، وقرة العين بهم في دمشق ما حصل لشيخ الإسلام زكريا بالقاهرة إلا أن القاضي زكريا زاد عليه في السعادة بكثرة التصانيف وتحقيقها"[11].

11. العلامة المحدث إسماعيل بن عمر العجلوني (ت1162هـ): قال عنه العلامة أبو الفضل الحسيني: "الشيخ الامام العالم الهمام الحجة الرحلة العمدة الورع العلامة كان عالماً بارعاً صالحاً مفيداً محدثاً مبجلاً قدوة سنداً خاشعاً له يد في العلوم لا سيما الحديث والعربية"[12]، من أشهر كتبه [كشف الخفاء ومزيل الالتباس عما اشتهر عن ألسنة الناس].

12. العلامة عبد الرحمن الطيبي الشافعي (ت1180هـ): يعد من كبار علماء عصره في الحديث واللغة والنحو، وأما في الفقه فقد لقب بالشافعي الصغير، كان إماماً للشافعية بدمشق، وعُين من السلطان العثماني عضواً في مجلس الدعاوى[13].

13. العلامة محمد راغب أفندي الحصني (ت1288هـ): كان مفتياً بدمشق، وتولى نقابة الأشراف بدمشق، وكانت علاقته قوية بالأسرة الخديوية[14].

14. العلامة الشيخ عوض بن أحمد إلهامي (ت1348هـ): عمل مدرساً بالحرم النبوي، ومفتياً لقضاء عجلون، وكان وكيل القضاء الشرعي في عهد الحكم الفيصلي[15].

15. العلامة الشيخ محمد سعيد بن عوض إلهامي (ت 1367هـ): كان إماماً ومفتياً لقضاء عجلون، وكانت ترد إليه الفتاوى من المدن والقرى في شمال الأردن، وقد تخرج عليه عدد كبير من العلماء في الأردن وفلسطين[16].

العوائل التي اشتهرت بالمذهب الشافعي:

اشتهرت بعض العوائل بالمذهب الشافعي، فتقلد أبناؤها القضاء والإفتاء في بلاد الشام ومصر، منهم[17]:

1. الباعوني: نسبة إلى قرية باعون، وتعتبر اليوم تابعة لمحافظة عجلون في شمال الأردن، ومن أشهر الذين تولوا مناصب القضاء والإفتاء:

* أحمد بن ناصر بن خليفة الباعوني (ت816هـ): تولى منصب قاضي قضاة الشافعية بالديار المصرية، وكان خطيباً ببيت المقدس.

* إبراهيم بن أحمد بن خليفة الباعوني (ت870ه): يعتبر شيخ الأدب بالبلاد الشامية، وتولى خطابة المسجد الأموي.

* محمد بن أحمد بن ناصر الباعوني (ت871هـ): تقلد عدة وظائف في دمشق، وخطب بالمسجد الأموي.

* يوسف بن أحمد بن ناصر الباعوني (ت880هـ): تولى منصب قاضي الشافعية بدمشق.

* جلال الدين محمد ابن الباعوني (ت902هـ): تولى منصب القضاء بالصالحية.

* شهاب الدين أحمد بن صلاح الدين الباعوني (ت910هـ): تولى منصب القضاء.

2. الحسباني: نسبة إلى بلدة حسبان، وتقع جنوب المحافظة عمان، ومن أشهر الذين تولوا مناصب القضاء والإفتاء:

* إبراهيم بن محمد بن يوسف الحسباني (ت755هـ): تولى القضاء في حسبان وفي دمشق.

* عماد الدين إسماعيل بن خليفة الحسباني (ت787هـ): أحد أئمة الشافعية، وتولى الفتوى والتدريس.

* خليل بن محمد بن خليفة الحسباني (ت812هـ): تولى القضاء في حسبان.

* أحمد بن إسماعيل بن خليفة الحسباني (ت815هـ): تولى قضاي قضاة الشافعية بدمشق، وكان فقيه دمشق وحافظها.

* أحمد بن حجي بن موسى الحسباني (ت816هـ): كان خطيب دمشق.

* عمر بن حجي بن موسى الحسباني (ت830هـ): تولى قاضي القضاة في دمشق، وتولى كتابة السر بالقاهرة، واجتمع له من الوظائف ما لم يجتمع لغيره من قضاة دمشق.

* محمد بن عمر حجي الحسباني (ت850هـ): كان قاضي قضاة الشافعية في دمشق، وتولى أيضاً نظر الجيش في القاهرة.

* يحيى بن محمد بن عمر الحسباني (ت880هـ): تولى نظر الجيش في القاهرة.

3. العجلوني: نسبة إلى مدينة عجلون شمال الأردن، ومن أشهر الذين تولوا مناصب القضاء والإفتاء:

* عمر بن محمد بن عمر العجلوني (ت718ه): تولى القضاء في عدة أماكن.

* قاسم بن أبي بكر بن قاسم العجلوني (ت749هـ): تولى قضاء الرحبة، والتدريس في دمشق.

* إبراهيم بن محمد بن عيسى العجلوني (ت825هـ): تولى القضاء في دمشق وصفد.

* القاضي العز بن عبد السلام العجلوني (ت850هـ): تولى القضاء بالقاهرة، والتدريس بالمدرسة الجمالية والخربية.

* عبد القادر بن محمد بن جبريل العجلوني (ت873هـ): تولى القضاء في القدس وعجلون.

 *شمس الدين محمد بن إسماعيل العجلوني (ت974هـ): تولى القضاء في عجلون.

4. الكركي: نسبة إلى مدينة الكرك جنوب الأردن، ومن أشهر الذين تولوا مناصب القضاء والإفتاء:

* يحيى بن عمر بن أبي القاسم الكركي (ت762هـ): تولى قضاء الكرك والشوبك.

* تاج الدين محمد بن عثمان الكركي (ت769هـ): تولى قضاء المدينة المنورة، ونيابة الحكم في القاهرة.

* محمد بن عمر بن عثمان الكركي (ت769هـ): تولى قضاء الكرك.

* علاء الدين بن عيسى الكركي (ت794هـ): تولى نيابة السر بالقاهرة.

 *عماد الدين أحمد بن عيسى المقيري الكركي (ت801هـ): تولى منصب قاضي قضاة الشافعية بالديار المصرية.

 *برهان الدين ابراهيم بن موسى الكركي (ت853هـ): تولى القضاء بمصر، وكان إماماً بارعاً في القراءات والفقه والعربية.

 *عبد الرحمن بن عمر الكركي (ت840هـ): تولى القضاء في حلب.

كان يتولى القضاء في العصر المملوكي في الكرك قاضيان: الأول شافعي، والثاني حنفي، وكان يمتاز القاضي الشافعي بالنظر في الأوقاف وما يتعلق ببيت المال[18].

إسهامات فقهاء الشافعية الأردنيون في المذهب:

كتب الفقهاء الأردنيون كتباً كثيرة في المذهب الشافعي، ومن أشهرها:

1. (كفاية الأخيار في حل غاية الاختصار) للإمام تقي الدين الحصني، وهو من أشهر الشروح على مختصر أبي شجاع، والكتاب غني بالتعليلات والأدلة النقلية.

2. (القواعد) للإمام الحصني: وهو كتاب في القواعد الفقهية اختصره من كتاب (المجموع المذهب في قواعد المذهب) للإمام العلائي، ويمتاز بعبارته المبسوطة وكثرة أمثلته، وهو مطبوع.

3. (تلخيص المهمات) للإمام الحصني، وهو تلخيص لكتاب (المهمات) للإمام الإسنوي.

4. (كفاية المحتاج في حل المنهاج) للإمام الحصني، وهو مخطوط.

5. (معين النبيه على معرفة التنبيه) للإمام الحصني: وهو شرح على متن التنبيه للإمام الشيرازي، وهو مخطوط.

6. (أعلام النبيه مما زاد على المنهاج من الحاوي والبهجة والتنبيه) لشيخ الإسلام تقي الدين ابن قاضي عجلون: وهو تعليق جمع فيه مؤلفه المسائل التي لم تذكر في (منهاج الطالبين) للإمام النووي من الحاوي الصغير للقزويني والتنبيه للشيرازي والبهجة الوردية لابن الوردي، والكتاب مطبوع.

7. (التصحيح لأبي شجاع) لشيخ الإسلام تقي الدين ابن قاضي عجلون: وهو مختصر في المذهب الشافعي، استدرك فيه مؤلفه على متن أبي شجاع، وأضاف إليه اختلافات الشيخين (الإمام الرافعي والإمام النووي)، والكتاب مُحقق منشور على شبكة الانترنت.

8. (مغني الطالبين في شرح منهاج الطالبين) للعلامة نجم الدين ابن قاضي عجلون، وهو شرح على (منهاج الطالبين) للإمام النووي أشهر متن عند السادة الشافعية، وقد اعتنى الشارح بإيراد أقوال الشيخين الرافعي والنووي، وأورد أقوال العلماء المتأخرين كابن الرفعة والسبكي والبلقيني والإسنوي والأذرعي، وقد حقق الكتاب في رسائل جامعية ولكنه لم يُطبع.

9. (التاج في زوائد الروضة على المنهاج) للعلامة نجم الدين ابن قاضي عجلون، وهو مخطوط.

10. (مختصر الروضة) للإمام برهان الدين الكركي، وهو مختصر لكتاب روضة الطالبين للإمام النووي، وهو مخطوط.

النهضة الدينية في العصر الحديث:

* منصب المفتي العام: سار الأردن منذ العصر العثماني على اعتماد المذهب الحنفي في القضاء والإفتاء، وقد تولى منصب المفتي العام منذ عهد الإمارة من الحنفية: الشيخ عمر لطفي حبجوقة ثم الشيخ حمزة العربي (ت1970م)، والشيخ محمد عبده هاشم.

وتولى منصب المفتي العام من فقهاء المالكية: الشيخ محمد أمين الشنقيطي (ت1990م)، والشيخ محمد فال الشنقيطي (ت1976م).

وكان من علماء الشافعية الذين تولوا منصب المفتي العام:

1. الشيخ محمد عادل الشريف (ت1985م): شيخ الطريقة الخلوتية، وأسس دار (الفقه والحديث) في عمان، وكان يدرس فيها المذهب الشافعي.

2. الدكتور نوح علي سلمان القضاة (ت2011م): وهو صاحب الأثر الأكبر على النهضة الدينية المعاصرة في الأردن، وشغل منصب سفير الأردن في إيران، وقاضي القضاة، ومفتي القوات المسلحة.

3. الشيخ عبد الكريم الخصاونة: وهو المفتي العام الحالي، وقد شغل سابقاً منصب قاضي القضاة ومفتي القوات المسلحة، وكان يدرس المذهب الشافعي في إربد.

4. الدكتور محمد الخلايلة: وهو المفتي العام السابق، ووزير الأوقاف الحالي، وقد قام في بداية سنة 2022م بالإيعاز إلى عدد من المفتين وبعض القضاة وبعض أئمة المساجد لتدريس (شرح ابن قاسم الغزي على متن أبي شجاع) في درس أسبوعي يوم الثلاثاء في المساجد الرئيسية للمملكة.

* دائرة الإفتاء العام: تأسست الدائرة على يد الدكتور نوح القضاة سنة 2007م، وأصبح المذهب الشافعي هو الأساس في منهج الفتوى مع الاستفادة من المذاهب الفقهية الأربعة في المسائل التي يتعسر فيها الفتوى بالمذهب الشافعي أو المسائل التي اختلفت العلة التي بني عليها القول المعتمد في المذهب أو المسائل التي نص عليها قانون الأحوال الشخصية الأردني.

* إفتاء القوات المسلحة: تقوم منهجية الفتوى في مديرية الإفتاء في القوات المسلحة على المذهب الشافعي مع الاستفادة من المذاهب الفقهية الأخرى.

وكان ممن تولى إفتاء القوات المسلحة من علماء الشافعية:

1. الدكتور نوح القضاة.

2. الدكتور علي الفقير: تولى منصب مفتي القوات المسلحة بالوكالة ومنصب وزير الأوقاف، وكان يدرس المذهب الشافعي في بعض مساجد المملكة.

3. الشيخ محمود الشويات: تولى منصب مفتي القوات المسلحة، وله جهود في تدريس المذهب الشافعي.

4. الشيخ عبد الكريم الخصاونة.

واعتمدت إدارة الإفتاء في كل من مديرية الأمن العام والدفاع المدني المذهب الشافعي أيضاً. [19]

* على الصعيد الرسمي:

من أبرز علماء المذهب الذين تسلموا المناصب الرسمية غير الإفتاء:

1. الشيخ السيد أحمد بن علوي السقاف (ت1947م): وهو ابن العلامة علوي السقاف صاحب حاشية (ترشيح المستفيدين)، وقد تسلم الشيخ أحمد رئيس الديوان في عهد الشريف الحسين بن علي، ثم عينه الملك عبد الله المؤسس قاضياً للقضاة ووزيراً للمعارف، ثم عُين بعد ذلك رئيساً للديوان الأميري في عصر الإمارة.

2. الشيخ عبد الله غوشة (ت1974م): تسلم منصب قاضي القضاة ووزير الأوقاف ووزير العدل، وقد أفاد الدكتور أسامة الأزهري في كتابه الموسوعي (جمهرة أعلام الأزهر) أنه كان شافعي المذهب[20].

3. الدكتور محمد نوح القضاة: تسلم منصب وزير الأوقاف ووزير الرياضة والشباب، وكان يدرس المذهب الشافعي.

* على الصعيد الأكاديمي:

اهتمت كلية الأمير الحسن للعلوم الإسلامية بتدريس المذهب الشافعي، وقد أسسها الدكتور نوح القضاة، حيث يقوم خريجوها بالتوجيه الديني في الجيش، وبرتبة عسكرية تبدأ من رتبة ملازم، وتقوم الكلية بمنح درجة البكالوريس في علوم الشريعة، ودورات التعليم المستمر للأئمة العاملين في القوات المسلحة والأمن العام والدرك.

وظهرت كلية الفقه الشافعي في جامعة العلوم الإسلامية، وأسسها الدكتور أمجد رشيد وهو عميد الكلية حالياً، وتقوم الكلية بتدريس مرحلة البكالوريس والماجستير في المذهب الشافعي، وقد قامت – بالاشتراك مع كلية الفقه الحنفي والمالكي – بعقد دبلومات للأئمة والخطباء ومعلمي التربية الإسلامية واللغة العربية، وتقوم حالياً بعقد برنامج البكالوريس (أون لاين) للطبة المقيمين خارج الأردن.

وظهرت عدد من المعاهد الشرعية في عمان تدرس المذهب الشافعي مثل: معهد مدارك الذي أسسه الدكتور أمجد رشيد سنة 2015م، ومعهد المعارج الذي أسسه الشيخ عون القدومي سنة 2007م.

وأما بالنسبة لكليات الشريعة الأخرى فهي تعتمد في تدريس مادتي (فقه الطهارة والصلاة) و(فقه الزكاة والحج) على كتاب (الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي) للدكتور مصطفى الخن والدكتور مصطفى البغا والشيخ علي الشربجي.

* على صعيد العلماء غير الرسميين: ظهرت جهود كبيرة في نشر المذهب الشافعي من العلماء الذين تولى الإمامة والخطابة والتدريس في المساجد، ومن أبرز هؤلاء:

1. الشيخ محمد سعيد الكردي (ت1972م) شيخ الطريقة الشاذلية، وله جهود في تدريس المذهب الشافعي في إربد.

2. الشيخ علي سلمان القضاة (ت1989م) من كبار علماء الشافعية بالأردن، وكان له أثر كبير في نشر المذهب الشافعي وتدريسه وإرسال الطلاب من الأردن إلى دمشق لدراسة العلوم الشرعية.

3. الشيخ سعيد العنبتاوي (ت1998م) من كبار علماء القراءات، وكان له جهود في المذهب الشافعي بالرصيفة كما أفاد ذلك تلميذه الدكتور سعيد فودة.

4. الشيخ حسين الزهيري (ت1996م) كان إمام مسجد الرصيفة القديم (الشركس)، وله جهود في تدريس المذهب الشافعي في الرصيفة كما أفاد ذلك تلميذه الدكتور سعيد فودة.

5. الشيخ حسن رزوق (ت2000م) من كبار علماء الشافعية في بلاد الشام، عمل إماماً لأكثر من عشرين سنة في تدريس المذهب في مساجد عمان.

6. الشيخ يوسف العتوم (ت2013) من كبار علماء الشافعية بالأردن، وله جهود في تدريس المذهب الشافعي في عجلون.

7. الشيخ عبد القادر قويدر (ت2021) عمل إماماً وخطيباً لمسجد الفيحاء لأكثر من عشرين سنة، وله جهود في تدريس المذهب الشافعي.

8. الشيخ عدنان عياد: من كبار مشايخ الدعوة والتبليغ بالأردن، وقد تسلم تدريس المذهب الشافعي في دائرة الإفتاء منذ عهد الدكتور نوح القضاة، وله جهود في تدريس المذهب الشافعي لطلاب العلم في عمان.

وختاماً فبعد استعراض أبرز المحطات التي مر بها المذهب الشافعي في بلدنا الأردن نصل إلى نتيجة وحقيقة مفادها أن وجود المذهب الشافعي في الأردن له امتداده المتجذر عبر التاريخ الإسلامي، وقد ظل المذهب الشافعي جزءاً لا يتجزأ من الهوية الدينية والخلفية الثقافية للأردن، وتعايش المذهب الشافعي مع المذهب الحنفي – وكذلك مع المذهب المالكي والحنبلي – خاصة في العصر العثماني والعصر الحديث وتكاملا في الأدوار.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

 


[1] ابن قاضي شهبة، طبقات الشافعية، دار عالم الكتب، بيروت، 1407هـ، ج1 ص102.

[2] الطوالبة، جهاد، المذهب الشافعي في الأردن ومظاهر التأثر به في العصر الحديث، رسالة ماجستير، قسم الفقه وأصوله، الجامعة الأردنية، 2020م، ص31.

[3] غوانمة، يوسف درويش، التاريخ الحضاري لشرقي الأردن، دار الفكر، عمان، 1982م، ص164- 166.

[4] ابن قاضي شهبة، طبقات الشافعية، ج3 ص150.

[5] طه الزعارير، تراجم لبعض العلماء والفقهاء والأدباء والشعراء في منطقة عجلون في العصر المملوكي، موقع وزارة الثقافة، https://ich.gov.jo/node/52040.

[6] السيوطي، جلال الدين، نظم العقيان في أعيان الأعيان، المكتبة العلمية، بيروت، ج1 ص29.

[7] السيوطي، نظم العقيان، ص97.

[8] السخاوي، شمس الدين، الضوء اللامع لأهل القرن التاسع، دار مكتبة الحياة، بيروت، ج8 ص96.

[9] الطوالبة، المذهب الشافعي في الأردن، ص66.

[10] الغزي، نجم الدين، الكواكب السائرة بأعيان المائة العاشرة، دار الكتب العلمية، بيروت، 1997م، ج1 ص289.

[11] الغزي، الكواكب السائرة بأعيان المائة العاشرة، ج1 ص116

[12]  الحسيني، أبو الفضل، سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر، دار البشائر، 1988م، ج1 ص259.

[13] العمري، عمر صالح، الأثر العلمي لعلماء عجلون في العهد العثماني، مجلة دراسات: العلوم الاجتماعية والإنسانية، م 44، ع3، 2017، ص148.

[14] العمري، الأثر العلمي لعلماء عجلون في العهد العثماني، ص151.

[15] المصدر السابق، ص151.

[16] المصدر السابق، ص149.

[17] طه الزعارير، تراجم لبعض العلماء والفقهاء والأدباء والشعراء في منطقة عجلون في العصر المملوكي، موقع وزارة الثقافة، https://ich.gov.jo/node/52040.

 [18] غوانمة، التاريخ الحضاري لشرقي الأردن، ص37.

[19] الطوالبة، المذهب الشافعي في الأردن، ص82.

[20] الأزهري، أسامة، جمهرة أعلام الأزهر الشريف في القرنين الرابع عشر والخامس عشر الهجريين، مكتبة الإسكندرية، مصر، 2019، ج6 ص304.