أعظم الأجور في أفضل الشهور

الكاتب : المفتي الدكتور لؤي الصميعات

أضيف بتاريخ : 24-04-2022


أعظم الأجور في أفضل الشهور

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد؛

فإن شهر رمضان هو شهر الفضائل والخصائص التي ليست لغيره من شهور السنة، فهو شهر تتجلى فيه رحمة الله تعالى على خلقه، وتظهر فيه بركة الله تعالى على عباده، ويفيض فضل الله تعالى على عباده المؤمنين أكثر من غيره، لذا فهو أفضل الشهور.

وقد طلب الله تعالى من المسلمين أن يكثروا من عمل الصالحات، وأن يتنافسوا في فعل الطاعات، فقال: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} [المطففين: 26]، وبما أن من خصائص هذا الشهر الفضيل، مضاعفة الأجور على الأعمال الصالحة التي يقوم بها المسلم يبتغي بها وجه الله تعالى، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أقبل شهر رمضان يقول -بأبي هو وأمي-: (أتاكم رمضان شهر بركة، فيه خير يغشِّيكم الله فيه، فتنزل الرحمة، وتُحط الخطايا، ويُستجاب فيه الدعاء، فينظر الله إلى تنافسكم، ويباهي بكم ملائكته، فأروا الله من أنفسكم خيرا، فإن الشقي من حُرم فيه رحمة الله عز وجل)[1]. وقوله صلى الله عليه وسلم: (أتاكم شهر رمضان، شهر مبارك، فرض الله عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب السماء، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه مردة الشياطين، لله فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم)[2]، وقوله صلى الله عليه وسلم: (أعطيت أمتي في شهر رمضان خمسا لم يعطهن نبي قبلي: أما واحدة، فإنه إذا كان أول ليلة من شهر رمضان نظر الله عز وجل إليهم، ومن نظر الله إليه لم يعذبه أبدا، وأما الثانية، فإن خلوف أفواههم حين يمسون أطيب عند الله من ريح المسك، وأما الثالثة، فإن الملائكة تستغفر لهم في كل يوم وليلة، وأما الرابعة، فإن الله عز وجل يأمر جنته فيقول لها: استعدي وتزيني لعبادي أوشك أن يستريحوا من تعب الدنيا إلى داري وكرامتي، وأما الخامسة، فإنه إذا كان آخر ليلة غفر لهم جميعا" فقال رجل من القوم: أهي ليلة القدر؟ فقال: (لا، ألم تر إلى العمال يعملون فإذا فرغوا من أعمالهم وفوا أجورهم؟)[3].

والعبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة[4]، ويتوقف قبول الأعمال الظاهرة على تحقق الأعمال الباطنة، فالأعمال الباطنة مبتدأ الأعمال الظاهرة وأصولها، والأعمال الظاهرة كمالها وفروعها التي لا تتم إلا بها[5]، والأعمال الباطنة كالإيمان بالله سبحانه وتوحيده، وحسن الظن به، ومحبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وخشية الله تعالى ورجائه، والاستعانة به، والتوكل عليه ونحو ذلك من أعمال القلوب، والأعمال الظاهرة كإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان والحج.

وأمر العبادة قائم على اتباع النبي صلى الله عليه وسلم فيما جاء به من عند الله تعالى، "فلا عقيدة إلا عقيدته ولا حقيقة إلا حقيقته ولا طريقة إلا طريقته ولا شريعة إلا شريعته ولا يصل أحد من الخلق إلى الله وإلى رضوانه وجنته وكرامته وولايته إلا بمتابعته باطنا وظاهرا في الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة في أقوال القلب وعقائده وأحوال القلب وحقائقه وأقوال اللسان وأعمال الجوارح. وليس لله ولي إلا من اتبعه باطنا وظاهرا فصدقه فيما أخبر به من الغيوب والتزم طاعته فيما فرض على الخلق من أداء الواجبات وترك المحرمات"[6].

ومن هنا ينبغي على كل مسلم أن يستغل هذا الشهر العظيم في طاعة الله تعالى، ومن أجلِّ الطاعات:

أولاً: من الأعمال الباطنة القلبية:

1. محبة الله تعالى ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم.

إن محبة الله تعالى ومحبة رسوله من لوازم الإيمان ومن علامات وجود حلاوة الإيمان في القلوب ففي الصحيحين عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى في النار)[7] يقول النووي: "قال العلماء رحمهم الله معنى حلاوة الإيمان استلذاذ الطاعات وتحمل المشقات في رضي الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم وإيثار ذلك على عرض الدنيا ومحبة العبد ربه سبحانه وتعالى بفعل طاعته وترك مخالفته وكذلك محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم"[8].

2. الإخلاص لله تعالى.

الإخلاص هو: "تجريد القصد بالحب والخوف والرجاء والتوكل والإنابة والاستعانة والاستغاثة والعبودية بالقلب واللسان والجوارح لله وحده طاعة للمعبود"[9] ويجب على الصائم أن يخلص نيته؛ لأن الله تعالى أمر به: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ } [البينة: 5]، ويقول الفضيل بن عياض في قول الله تعالى: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} [الملك: 2]: (أحسن عملا): "أخلصه وأصوبه". وقال: "العمل لا يقبل حتى يكون خالصا صوابا فالخالص إذا كان لله والصواب إذا كان على السنة"[10]. لذا كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مع اجتهادهم في الأعمال الصالحة يخشون أن تحبط أعمالهم، وروى البخاري عن عبد الله بن أبي مليكة أنه قال: "أدركت ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم يخشى النفاق على نفسه ما منهم من أحد يقول: إنه على إيمان جبريل وميكائيل"[11].

3. الصدق مع الله تعالى.

يقول الجرجاني في تعريفه: "قول الحق في مواطن الهلاك، وقيل: أن تصدق في موضع لا ينجيك منه إلا الكذب، قال القشيري: الصدق ألا يكون في أحوالك شوب، ولا في اعتقادك ريب، ولا في أعمالك عيب"[12].

وفرق أهل اللغة بينه وبين الإخلاص بأن: "الصدق أصل؛ وهو الأول، والإخلاص فرع؛ وهو تابع. وفرق آخر: الإخلاص لا يكون إلا بعد الدخول في العمل"[13].

والصدق أنواع: "أقربها الصدق في القول، فلا ينطق إلا بالحق، ولا ينطق إلا بما يجول بصدره، ولا يماري ولا يداهن، ولا يرفث في قول، والثانية صدق النفس فلا يغش نفسه، ولا يخدعها، بل يحاول أن يطلع على عيوبها ويعالج هذه العيوب، ولا يخدع نفسه ليكذب عليها، والثالثة، صدق الإنصاف، فلا يغمط غيره، ولا يحقد ولا يحسد، ولا يضغن، وينصف أعداءه من نفسه[14].

وذكر الماوردي في قول الله تعالى: {وَالصَّادِقِينَ} [آل عمران: 17] قال: "فيه وجهان: أحدهما: في قولهم. والثاني في القول والفعل والنيَّة، والصدق في القول: الإخبار بالحق، والصدق في الفعل: إتمام العمل، والصدق في النية: إمضاء العزم"[15].

ومن هنا يتبين لنا بأن الصدق في القول والعمل أس الفضائل؛ لذا ينبغي على المسلم الصائم أـن يحافظ على الالتزام به.

4. الصبر لله تعالى.

الصبر هو "حبس النَّفس عَن محارم الله، وحبسها على فَرَائِضه، وحبسها عَن التسخط والشكاية لأقدار الله تعالى"[16]، ورمضان هو شهر الصبر لما فيه من حبس النفس على طاعة الله وعن معصيته سبحانه، والصبر ثوابه الجنة بل {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10] وقد جاء عن محمد بن صبيح العجلي، يقول: "أعطي الصابرون الصلاة من الله عليهم، والرحمة منه لهم، فمن ذا الذي يدرك فضلهم إلا من كان منهم؟ هنيئا للصابرين، ما أرفع درجتهم وأعلى هناك منازلهم"[17]. وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا جمع الله الخلائق نادى مناد: أين أهل الصبر؟" قال: "فيقوم ناس وهم يسير فينطلقون سراعا إلى الجنة، فيلقاهم الملائكة فيقولون: إنا نراكم سراعا إلى الجنة فمن أنتم؟ فيقولون: نحن أهل الصبر، فيقولون: وما كان صبركم؟ فيقولون: كنا نصبر على طاعة الله، وكنا نصبر عن معاصي الله، فيقال لهم: ادخلوا الجنة فنعم أجر العاملين"[18].

ثانياً: من الأعمال الظاهرة:

1. تلاوة القرآن الكريم.

إن أعظم ما يتقرب به العبد من ربه أن يكثر من تلاوة القرآن الكريم؛ لأنه كلام الله تعالى، وقد نزل كلام الله تعالى في هذا الشهر المبارك يقول الله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185]، والذي من فضائله ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول الم حرف، ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف)[19]، وهذا الوارد مطلق في رمضان وغيره، ولكنه في رمضان أكثر أجرا وثوابا.

والقرآن الكريم مع الصيام يشفعان لصاحبهما يوم القيامة فيدخلاه الجنة، فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: (الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب، منعته الطعام والشهوات بالنهار، فشفعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل، فشفعني فيه، قال: فيشفعان)[20]

فيا لها من فضيلة عظيمة في شهر القرآن ينبغي على المسلم أن يحرص عليها لينال به الأجر العظيم.

2. المحافظة على الصلاة:

الصلاة فيها من خير عظيم للمسلم في الدنيا والآخرة، وإذا أراد الصائم تحصيل أعظم الثواب من صلاته وصيامه فينبغي على المسلم أن يحافظ على طهوره فيتوضأ في بيته ويخرج الى بيت من بيوت الله تعالى وهذا فيه أجر حجة لقوله صلى الله عليه وسلم: (من خرج من بيته متطهرا إلى صلاة مكتوبة فأجره كأجر الحاج المحرم، ومن خرج إلى تسبيح الضحى لا ينصبه إلا إياه فأجره كأجر المعتمر، وصلاة على أثر صلاة لا لغو بينهما كتاب في عليين)[21].

وينبغي الحرص على استعمال السواك عند كل صلاة فإن الأجر يتضاعف سبعين ضعفا، فقد روى الحاكم قول النبي صلى الله عليه وسلم: (فضل الصلاة التي يستاك لها على الصلاة التي لا يستاك لها سبعين ضعفا)[22].

ولا ننسى قيام الليل فإنه عظيم وخاصة ليلة القدر، ويقول الله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ* وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ* لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: 1-3]، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه)[23].

3. إخراج الزكاة والصدقة:

شهر رمضان شهر المواساة للفقراء والمساكين، وللأرامل واليتامى، بإخراج الزكاة والصدقات العامة، {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: 103] أي "خذ أيها الرسول من أموال من ذكر، ومن سائر أموال المؤمنين -على اختلاف أنواعها، ومنها مال التجارة- صدقة معينة كالزكاة المفروضة أو غير معينة وهي التطوع - فالصدقة ما ينفقه المؤمن قربة لله كما تقدم في نفقة مؤمني الأعراب (تطهرهم وتزكيهم بها) أي تطهرهم بها من دنس البخل والطمع والدناءة والقسوة على الفقراء البائسين وما يتصل بذلك من الرذائل، وتزكي أنفسهم بها: أي تنميها وترفعها بالخيرات والبركات الخلقية والعملية حتى تكون بها أهلا للسعادة الدنيوية والأخروية، فالمطهر هنا الرسول والمطهر به الصدقة"[24].

ولهم في ذلك الفضل العظيم والأجر الكبير، فقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: "ذكر لي أن الأعمال تباهى فتقول الصدقة: أنا أفضلكم"[25]. وينبغي الحرص عليها في كل الشهور وخاصة في رمضان؛ لبركته ولمضاعفة الأجر فيه.

4. أداء العمرة:

ينبغي على المسلم القادر مادياً وجسدياً أن يحرص على أداء العمرة في شهر رمضان المبارك؛ وذلك لما لها من فضل عظيم وأجر كبير، النبي صلى الله عليه وسلم لما رجع من حجته قال لأم سنان الأنصارية: (ما منعك من الحج؟)، قالت: أبو فلان، تعني زوجها، كان له ناضحان حج على أحدهما، والآخر يسقي أرضا لنا، قال: (فإن عمرة في رمضان تقضي حجة أو حجة معي)[26].

5. كثرة ذكر الله تعالى:

يقول ابن القيم: أفضل أهل كل عمل أكثرهم فيه ذكراً لله عز وجل، فأفضل الصوام أكثرهم ذكراً لله عز وجل في صومهم، وأفضل المتصدقين أكثرهم ذكراً لله عز وجل، وأفضل الحاج أكثرهم ذكراً لله عز وجل. وهكذا سائر الأحوال. وقد ذكر ابن أبي الدنيا حديثاً مرسلاً في ذلك "أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سئل: أي أهل المسجد خير؟ قال: أكثرهم ذكراً لله عز وجل قيل: أي الجنازة خير؟ قال: أكثرهم ذكراً لله عز وجل قيل: فأي المجاهدين خير؟ قال: أكثرهم ذكراً لله عز وجل قيل فأي الحجاج خير؟ قال: أكثرهم ذكراً لله عز وجل قيل: وأي العباد خير؟ قال: أكثرهم ذكراً لله عز وجل) قال أبو بكر: ذهب الذاكرون بالخير كله[27].

6. كثرة دعاء الله تعالى:

شهر رمضان هو شهر استجابة الدعاء، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أتاكم رمضان شهر بركة، فيه خير يغشيكم الله فيه ، فتنزل الرحمة، وتحط الخطايا، ويستجاب فيه الدعاء، فينظر الله إلى تنافسكم، ويباهي بكم ملائكته، فأروا الله من أنفسكم خيرا، فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله عز وجل)[28] وما جاء عن استجابة الدعاء في رمضان في القرآن الكريم شيء عجيب حيث جاءت آية استجابة الدعاء بين آيات الصيام وهي:{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ* وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ* أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [البقرة: 185-187] مما يبين لنا بأن شهر رمضان هو شهر استجابة للدعاء من الله تعالى لعباده المؤمنين المستجيبين لأمره تعالى، وكيف لا والدعاء مخ العبادة؟ لذا ينبغي على المسلم أن يحرص كل الحرص على استغلال شهر رضان كله في العبادة وخاصة الدعاء، فإن الصائم دعوته مستجابة يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة لا ترد دعوتهم؛ الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام ويفتح لها أبواب السماء ويقول الرب: وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين)[29] ولا سيما في ليلة القدر الشريفة، فعن عائشة، قالت: قلت: يا رسول الله أرأيت إن علمت أي ليلةٍ ليلةُ القدر ما أقول فيها؟ قال: (قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني)[30].

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

 


[1]- رواه الطبراني: مسند الشاميين، ط/مؤسسة الرسالة، برقم/2238.

[2]- رواه المنذري: الترغيب والترهيب، ط/دار الكتب العلمية، برقم/1489.

[3]- رواه البيهقي: فضائل الأوقات، ط/مكتبة المنارة، برقم/36.

[4]- ابن تيمية: العبودية، ط/ المكتب الإسلامي، (ص: 44).

[5]- ابن تيمية: مجموع الفتاوى، ط/1416هـ، (18 / 185).

[6]- ابن تيمية: الفتاوى الكبرى، (1 / 179).

[7]- متفق عليه: رواه البخاري: صحيح البخاري، برقم (16) ومسلم: صحيح مسلم، برقم (43).

[8]- النووي: شرح النووي على مسلم (2 / 13).

[9]- ابن تيمية: الصواعق المرسلة، ج/2 ص/403.

[10]- البغوي: تفسير البغوي، ج/8 ص/176.

[11]- البخاري: صحيح البخاري، ج/1 ص/18.

[12]- الجرجاني، التعريفات، ج/1 ص/174.            

[13]- الجرجاني، التعريفات، ج/1 ص/14.

[14]- زهرة التفاسير (5 / 2414).

[15]- الماوردي: تفسير الماوردي= النكت والعيون (1 / 378).

[16]- ابن القيم: رسالة ابن القيم إلى أحد إخوانه، مكتبة الشرق الأوسط، (ص: 18).

[17]- ابن أبي الدنيا: الصبر والثواب عليه (ص: 101)

[18]- رواه ابن أبي الدنيا: الصبر والثواب عليه، (ص: 22)

[19]- رواه الترمذي: سنن الترمذي، (5 / 175)

[20]- مسند أحمد، ط الرسالة (11 / 199).

[21]- أبو داود: سنن أبي داود (1 / 153).

[22]- الحاكم: لمستدرك على الصحيحين (1 / 244). ثم قال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه" وقال الذهبي: "على شرط مسلم".

[23]- متفق عليه: رواه البخاري: صحيح البخاري، برقم (2014) ومسلم: صحيح مسلم، برقم (760).

[24]- محمد رشيد: تفسير المنار (11 / 20).

[25]- المنذري: شعب الإيمان (5 / 35).

[26]- صحيح البخاري (3 / 19)

[27]- ابن القيم: الوابل الصيب من الكلم الطيب (ص: 75).

[28]- الطبراني: مسند الشاميين، ج/3 ص/271.

[29]- الترمذي: سنن الترمذي، ج/4 ص/672.

[30]- الترمذي: سنن الترمذي، ج/5 ص/534.