أحكام تسمية المولود

الكاتب : المفتي الدكتور حسان أبو عرقوب

أضيف بتاريخ : 12-03-2009


    

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فيمكن تلخيص أحكام تسمية المولود في المسائل الآتية*:

المسألة الأولى: متى يسمى المولود؟

يسن أن يسمَّى المولود في اليوم السابع من ولادته، كما هو مشهور عند الناس، ودليل ذلك ما رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِتَسْمِيَةِ الْمَوْلُودِ يَوْمَ سَابِعِهِ، وَوَضْعِ الْأَذَى عَنْهُ، وَالْعَقِّ. رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب.

كما يسن أن يسمى في اليوم الأول، ودليل ذلك ما رواه أبو موسى الأشعري قال:

( ولد لي غلام فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم فسماه إبراهيم، حنكه بتمرة، ودعا له بالبركة ) متفق عليه.

ويجمع بين الحديثين: بحمل خبر التسمية يوم الولادة على من لم يرد العقّ، وخبر التسمية يوم السابع على من أراد أن يعق عن ولده.

المسألة الثانية: هل يسمى المولود إذا مات قبل التسمية؟

جاء في " مغني المحتاج ":

" وَلَوْ مَاتَ المولود قَبْلَ التَّسْمِيَةِ اُسْتُحِبَّ تَسْمِيَتُهُ، و يُسَنُّ تَسْمِيَةُ السَّقْطِ إن نفخت فيه الروح، فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ أَذَكَرٌ هُوَ أَمْ أُنْثَى سُمِّيَ بِاسْمٍ يَصْلُحُ لَهُمَا كَخَارِجَةَ وَطَلْحَةَ وَهِنْدَ " انتهى.

المسألة الثالثة: حكم تحسين الاسم.

يستحب للوالد أن يحسن اختيار اسم المولود؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم، فحسّنوا أسماءكم ) رواه أحمد وأبو داود.

المسألة الرابعة: ما هي أحب الأسماء إلى الله تعالى؟

أحب الأسماء إلى الله تعالى: عبد الله وعبد الرحمن، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن أحب أسمائكم إلى الله عز وجل عبد الله وعبد الرحمن ) رواه مسلم. وفي زيادة لأبي داود: ( وأصدقها حارث وهمام، وأقبحها حرب ومرة )

وإنما كان " حارث " و " همام " أصدقها؛ لأن العبد لا يزال في حرث الدنيا أو حرث الآخرة، وهو لا يزال يهم بالشيء بعد الشيء.

المسألة الخامسة: ما هي الأسماء المكروهة؟

أ- تكره الأسماء القبيحة: كشيطان، وظالم، وحمار.

ب- يكره أن يسمي بما يتطيّر بنفيه عادة، مثل: نجيح، و بركة، ورباح، وأفلح؛ لما روى سمرة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ( أَحَبُّ الْكَلاَمِ إِلَى اللَّهِ أَرْبَعٌ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ. لاَ يَضُرُّكَ بَأَيِّهِنَّ بَدَأْتَ. وَلاَ تُسَمِّيَنَّ غُلاَمَكَ يَسَارًا، وَلاَ رَبَاحًا، وَلاَ نَجِيحًا، وَلاَ أَفْلَحَ، فَإِنَّكَ تَقُولُ: أَثَمَّ هُوَ؟ فَلاَ يَكُونُ، فَيَقُولُ: لاَ ) إنما هن أربع فلا تزيدن علي. رواه مسلم. فهل يعني قول الراوي: ( فلا تزيدن علي ) أنه لا يجوز القياس على الأسماء التي سمعها من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

الجواب:

قال الإمام النووي في " شرح مسلم ":

" قول الراوي: ( فَلَا تَزِيدُنَّ عَلَيَّ ) هُوَ بِضَمِّ الدَّال، وَمَعْنَاهُ الَّذِي سَمِعْته أَرْبَع كَلِمَات، وَكَذَا رِوَايَتهنَّ لَكُمْ، فَلَا تَزِيدُوا عَلَيَّ فِي الرِّوَايَة، وَلَا تَنْقُلُوا عَنِّي غَيْر الْأَرْبَع، وَلَيْسَ فِيهِ مَنْع الْقِيَاس عَلَى الْأَرْبَع، وَأَنْ يَلْحَق بِهَا مَا فِي مَعْنَاهَا.

قَالَ أَصْحَابنَا: يُكْرَه التَّسْمِيَة بِهَذِهِ الْأَسْمَاء الْمَذْكُورَة فِي الْحَدِيث وَمَا فِي مَعْنَاهَا، وَلَا تَخْتَصّ الْكَرَاهَة بِهَا وَحْدهَا، وَهِيَ كَرَاهَة تَنْزِيه لَا تَحْرِيم، وَالْعِلَّة فِي الْكَرَاهَة مَا بَيَّنَهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْله: ( فَإِنَّك تَقُول: أَثِمَ هُوَ؟ فَيَقُول: لَا ) فَكُرِهَ لِبَشَاعَةِ الْجَوَاب، وَرُبَّمَا أَوْقَع بَعْض النَّاس فِي شَيْء مِنْ الطِّيَرَة " انتهى.

ج-يكره الاسم الذي فيه تزكية للنفس، فعن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: ( كَانَتْ جُوَيْرِيَةُ اسْمُهَا بَرَّةَ، فَحَوَّلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْمَهَا جُوَيْرِيَةَ، وَكَانَ يَكْرَهُ أَنْ يُقَالَ خَرَجَ مِنْ عِنْدِ بَرَّةَ ) رواه مسلم.

المسألة السادسة: حكم تغيير الأسماء القبيحة.

يسن أن تغيّر الأسماء القبيحة وما يتطير بنفيه، وما فيه تزكية للنفس، لما رواه ابن عمر أنه صلى الله عليه وسلم غيّر اسم عاصية، وقال: أنت جميلة. رواه مسلم.

المسألة السابعة: ما حكم التسمية بأسماء الملائكة والأنبياء؟

تجوز التسمية بأسماء الملائكة والأنبياء ولا تكره.

المسألة الثامنة: ما حكم التسمية بـ: ياسين أو طه؟

تجوز التسمية بـ: يس وطه ولا تكره.

المسألة التاسعة: هل التسمية باسم محمد لها مزيد فضل؟

قال مالك: سمعت أهل المدينة يقولون: " ما من أهل بيت فيهم اسم محمد إلا رزقوا رزق خير ".

المسألة العاشرة: هل تجوز التسمية بـ " عبد النبي "؟

التسمية بـ " عبد النبي " مال الأكثرون إلى المنع منه والكراهة خشية التشريك لحقيقة العبودية، واعتقاد حقيقة العبودية، وقد تجوز إذا قصد به أنه خادم النبي صلى الله عليه وسلم، والمنع أولى.

المسألة الحادية عشرة: هل يجوز أن يكنى الصغير؟

لا بأس أن يكنى الصغير، فعن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضى الله عنه قال: إِنْ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَيُخَالِطُنَا حَتَّى يَقُولَ لأَخٍ لِى صَغِيرٍ: يَا أَبَا عُمَيْرٍ! مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ!؟. متفق عليه.

المسألة الثانية عشرة: بأي الأولاد يكنى من له أولاد كثر؟

يسن أن يكنى من له أولاد بأكبر أولاده.

المسألة الثالثة عشرة: هل يجوز أن يكنى من لا ولد له؟

يسن أن يكنى أهل الفضل من الرجال والنساء وإن لم يكن لهم ولد.

المسألة الرابعة عشرة: هل يجوز أن يكنى الكافر والفاسق والمبتدع؟

لا يكنى الكافر ولا الفاسق ولا المبتدع؛ لأن الكنية للتكرمة، وليسوا من أهلها.

فإن قيل: قد قال الله تعالى: ( تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ) المسد/1، فبماذا تجيبون؟

الجواب: كني أبو لهب ولم يذكر باسمه لأن اسمه عبد العزى، وهو غير صحيح من جهة العقيدة، أو لأنه معروف بكنيته أكثر من اسمه.

المسألة الخامسة عشرة: هل ينادي الولد أباه باسمه، أو التلميذ معلمه باسمه؟

يسن لولد الشخص وتلميذه وغلامه أن لا يسميه باسمه، بل يقول: يا والدي، أو يا أستاذي.

المسألة السادسة عشرة: هل يجوز أن يكني الشخص نفسه في كتبه ورسائله؟

الأدب ألا يكني الشخص نفسه في كتاب أو غيره إلا أن لا يعرف بغيرها، أو كانت الكنية أشهر من الاسم.


 *هذا المقال مستفاد من كتاب " الأذكار " للإمام النووي، وكتاب " مغني المحتاج " للخطيب الشربيني، مع شيء من الزيادة والتعديل.