صفات لا يحبها الله

الكاتب : المفتي الدكتور حسان أبو عرقوب

أضيف بتاريخ : 19-07-2018


صفات لا يحبها الله

 

يبين لنا ربنا بعض الصفات التي تقضي على الحب الإلهي للإنسان مثل: العدوان، والفساد، الكفر، الظلم، الخيانة، الإسراف، الاستكبار.

فإن قيل: ما السر في هذه الصفات حتى كانت سبباً في عدم محبة الإله سبحانه للإنسان؟ 

فالجواب: العدوان، هو الإخلال بالعدالة في المعاملة، ولا يخفى أن العدالة هي الأساس الذي بني عليه الدين الإسلامي، وهي الغاية التي ينشد تحقيقها دائماً، وصاحب العدوان يخل بميزان العدالة والحق الذي أراده الله تعالى، فيعتدي على الخلق والبشر، فلذلك سلب محبة الله، قال الله تعالى: (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) البقرة/190.

والفساد، خروج الشيء عن الاعتدال –أي الحالة المحمودة- لا لغرض صحيح، ولما كان الكون مسّخراً للإنسان، وعليه أن يستعمل الأشياء باعتدال، وبالحالة المحمودة، وبالغرض الصحيح، كان الخروج عن هذا الإطار إفساداً للغاية التي خلق الله الأشياء لأجلها، فيسلب المفسد محبة الله، قال الله تعالى: (وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ) البقرة/205.

أما الكفر، فهو جحود وحدانية الخالق، أو نبوة الرسل، أو أحكام الشريعة، فالله هو الإله الواحد المستحق للعبادة، فجحود وحدانيته قلب للحقيقة وتزوير للواقع، وكذلك الكلام في جحود نبوة الرسل وأحكام الشريعة، التي جاءت لإصلاح الدنيا والدين. لذلك كان الكفر من أبشع الصفات لما فيه من قلب الحقائق وتزويرها، وهذا يعود على البشر بالفساد، لذلك سلب الكافر محبة الله، قال الله تعالى: (قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ) آل عمران/32.

والظلم، الخروج عن الحق، ومرّ معنا أن غاية الشريعة وإرسال الرسل هي إحقاق الحق وإقامة العدل، فالخروج من دائرة الحق والعدل مناقضة لمقصود الله تعالى من وجود الدين وإرسال الرسل؛ لذلك سلب الظالم محبة الله، قال الله تعالى: (وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) آل عمران/57.

أما الخيانة، فقد تكون للأمانة أو للعهد أو للوطن أو للأمة، وكلها تشترك في أن الخائن لا يفي بما هو مطلوب منه، ومستحق عليه، وفي هذا الفعل إفساد في الأرض، وظلم للناس، ولذلك سلب الخائن محبة الله، قال الله تعالى: (وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا) النساء/107.

والإسراف، مجاوزة الحد، ويكون في المال أو الطعام، أو الحديث، فالإسراف في المال تبديده وصرفه بلا فائدة، وفي الطعام، الإفراط فيه، وفي الحديث الإطالة دون فائدة. والله تعالى يحب العدل في كل شيء، ولا يحب التجاوز في شيء؛ لأن التجاوز ظلم، والظلم عدو الإسلام الأول، فمن أجل ذلك سلب المسرف محبة الله، قال الله تعالى: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) الأعراف/31.

وأخيراً الاستكبار، ومصدره استكبر، يقال: استكبر الرجل إذا تكبر وعاند، وتجبر وتعاظم، وتمرد وامتنع عن قبول الحق. والامتناع عن قبول الحق قبول للباطل، والحق عدل، والباطل ظلم، فالاستكبار في حقيقته نصرة للظلم والباطل. ثم في التكبر خروج للإنسان عن حقيقة عبوديته، والعبد أليق به الذل لا التكبر، والمؤمن يظهر ذله لله تعالى وللمؤمنين، فلا يليق به التكبر أبداً. أما من تكبر فقد خرج عن حقيقة العبودية التي ينبغي أن يكون عليها، ونصر الظلم، وهذا أمر لا يحبه الله تعالى، لذلك سلب المتكبر محبة الله، قال الله تعالى: (لَا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ) النحل/23.

اللهم باعد بيننا وبين كل وصف يقطعنا عن محبتك يا رب العالمين.