من أسرار الصيام

الكاتب : المفتي الدكتور حسان أبو عرقوب

أضيف بتاريخ : 03-06-2018


من أسرار الصيام

شهر رمضان ضيف يزورنا في كل عام مرة، ولا شك أن له منزلة عظيمة، فهو ركن من خمسة أركان يقوم عليها الإسلام. فما السر في المنزلة السامية التي يحتلها هذا الشهر؟

للإجابة عن السؤال السابق لا بد أن نتأمل معنى الصوم، وهو الكف عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس مع النية، وأهم المفطرات: الطعام، والشراب، والجماع.

فهل المراد أن يتعذب الإنسان بترك ما اعتاده من أكل وشرب خلال النهار؟ الجواب: بالطبع لا، فالله سبحانه رحيم بعباده، يرحمهم ويحسن إليهم، ولا يجعل من تعذيبهم قصداً له سبحانه، فهو الغني عنهم.

ولكن ترك الطعام والشراب خلال نهار رمضان فيه مجموعة من الرسائل أبرزها:

الشعور بنعم الله، فإن الإنسان لا يشعر بعظمة النعمة وقيمتها إلا عند فقدها، وبالصوم يجرب الانسان أن يفقد الحصول على هذه النعم طوعاً، فيتعرف على قيمتها لوجود الاحتياج الفطري لها، مما ينعكس إيجاباً على سلوكه في احترام النعمة وتقديرها، ويجعله يحافظ عليها، مما يعزز مبدأ المحافظة على الثروة مهما كانت وبأي شكل وجدت.

ثمّ الإحساس بالفقراء والمساكين الذين ربما جاعوا الليالي الطوال، فشعور الصائم بالجوع يدخله في الحالة الشعورية للفقير الجائع، فيتوجه الصائم الغني لمساعدة أخيه الفقير؛ لأنه ذاق مثله طعم الجوع، مما يؤكد على مبدأ التكافل الاجتماعي.

ولا يخفى أن امتناع الصائم عن الأكل والشرب في نهار رمضان يعزز من التربية الذاتية للمؤمنين، فمنع النفس عن الحلال داعية لمنعها عن الحرام. والالتزام بالصوم مع القدرة على الأكل تربية للنفس على أنها تقدر على الامتناع عما حرمه الله تعالى عليها، مما يؤكد على أهمية المراقبة الذاتية للنفس.

من كل ما تقدم نرى أن للصوم فلسفة في حياة الفرد والمجتمع، فالحفاظ على النعمة، والتكافل الاجتماعي، والرقابة الذاتية هي من أهم المبادئ التي يتحلى بها الأفراد ويقوم عليها أبناء المجتمع.

ويضاف إلى ما سبق، أن الإنسان حال جوعه وعطشه وفراغ معدته يكون أرق طبعاً، وأكثر تقبلاً للحكمة، مما يجعله أكثر حضوراً في عبادته، وأحسن اتصالاً بخالقه سبحانه، فيصير الصوم غذاءً للروح.

ولا يمكن للصائم أن يحقق ما سبق إذا أكل حتى التخمة، فيصير في نهاره يعاني مما كسبه ليلاً، فهو إن أكثر من الطعام عند الإفطار والسحور، أصبح يتألم من التخمة في النهار، فلم يعد للصوم معنى، فهذا مما ينبغي الحذر منه.

وختاماً؛ أسأل الله العلي القدير أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال.