ميزة الصيام على سائر العبادات

الكاتب : المفتي محمود المشاعلة

أضيف بتاريخ : 21-08-2011


 

إن الله تعالى جعل لهذا الدين العظيم أركاناً عظيمة لا يقوم إلا بها، ولا يؤسس ويبنى إلا عليها... إذا قامت هذه الأركان قام الدين واستقام، وإذا هدمت هدم وانتهى أمره.  

وإن من أعظم هذه الأركان صيام شهر رمضان المبارك، وقد جعل سبحانه وتعالى لهذا الشهر مميزات وخصائص يمتاز بها عن غيره من العبادات والطاعات الأخرى، منها:

أولاً: إن الله سبحانه وتعالى رتب على صيام هذه الشهر من الأجر والثواب ما لم يرتبه على غيره من العبادات:

فجعل سبحانه صيام هذا الشهر سبباً لمغفرة الذنوب جميعها. جاء في الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً؛ غفر له ما تقدم من ذنبه) رواه البخاري ومسلم.

بل جعل سبحانه قيام هذا الشهر سبباً لمغفرة الذنوب جميعها. جاء في الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً؛ غفر له ما تقدم من ذنبه) رواه البخاري ومسلم.

بل وأعظم من ذلك أنه جعل سبحانه وتعالى قيام ليلة القدر وحدها والتي هي أحدى ليالي هذا الشهر سبباً لمغفرة الذنوب جميعها. قال صلى الله عليه وسلم: (من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً؛ غفر له ما تقدم من ذنبه) رواه البخاري ومسلم.

ثانياً: إن الله سبحانه وتعالى أنزل القرآن العظيم في هذا الشهر المبارك... هذا القرآن الذي جاء هداية للناس، وخرجوا به من الظلمات إلى النور... هذا القرآن نزل في هذا الشهر المبارك. قال الله سبحانه: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ) البقرة/185.

ثالثاً: إن الله سبحانه جعل هذا الشهر شهر العتق من النيران؛ ففيه تعتق الرقاب من النار، وتفك من أغلالها... كيف لا يكون ذلك وقد غفرت فيه الذنوب، وزيدت فيه الأجور. قال صلى الله عليه وسلم: (إن لله تبارك وتعالى عند كل فطر عتقاء من النار، وذلك في كل ليلة) رواه أحمد وابن ماجه.

فأي فضل وأي نعمة أعظم على المسلم من أن تعتق رقبته من النار!

رابعاً: إن هذا الشهر فيه تفتح أبواب الجنة، وفيه تغلق أبواب النيران، وفيه تصفد الشياطين؛ فلا يخلصون إلى ما كانوا يخلصون إليه فيما سواه. والسبب هو كثرة الأعمال الصالحة في هذا الشهر  التي توجب دخول الجنة، وقلة الأعمال السيئة التي توجب دخول النار. قال صلى الله عليه وسلم: (إذا جاء رمضان: فتحت أبواب الجنة؛ فلم يغلق منها باب، وغلقت أبواب النار؛ فلم يفتح منها باب، وصفدت الشياطين) رواه البخاري ومسلم والترمذي.

خامساً: إن هذا الشهر فيه ليلة هي خير عند الله من ألف شهر وهي ليله القدر... ليلة مباركة عظيمة قال الله فيها: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ) الدخان/3.

وهي ليلة العبادة فيها تعدل عبادة ألف شهر ويزيد كما أخبر سبحانه وتعالى. قال عز وجل: (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) القدر/3؛ أي خير من ثلاثة وثمانين عاماً وثلاثة أشهر تقريباً.

فمن قدر الله له أن يصلي في تلك الليلة ركعتين؛ فكأنما هو يصلي بين يدي الله ثلاثة وثمانين عاماً ويزيد، ومن قدر له إن يذكر الله في تلك الليلة؛ فكأنما هو يذكره ثلاثة وثمانين عاماً لا يفتر عن ذكره، ومن قدر له أن يذرف دمعتين خشية من الله في تلك الليلة؛ فكأنما هو قائم يبكي من خشية الله ثلاثة وثمانين عاماً ويزيد، فالله الله ما أعظم الأجر والثواب، وما أعظم الفضل والكرم والجود والإحسان!

سادساً: إن الصوم يتميز عن سائر العبادات أنه عمل باطني، ونية خفية لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى، ولا يداخله الشرك أبداً، بخلاف العبادات الأخرى من صلاة وصدقة وحج وغيرها، فكلها أعمال ظاهرة يراها الناس، وقد يرائي بها صاحبها، ولأجل ذلك جعل الله هذه العبادة له خالصة وهو الذي يجزي عليها مباشرة. قال الله تعالى في الحديث القدسي: (كل عمل ابن ادم له إلا الصيام فإنه لي وأنا اجزي به) رواه البخاري.

سابعاً: إن هذا الشهر يعد مستودع الكنوز من الأجور والحسنات والفضائل كلها؛ فالأعمال فيه تزيد، والأجور تضاعف، والبركات تكثر، وأعمال الخير كلها تعم مجتمعات المسلمين عامة؛ فترى النفوس فيه طيبة، والأخلاق عالية، والقلوب مطمئنة، وتكثر الصلات، وتجاب الدعوات، وتقال العثرات، وتسكب العبرات، ويعيش المسلمون فيه أحلى أيام وليالي العمر.

والحمد الله رب العالمين.