نشرة الإفتاء - العدد 45 أضيف بتاريخ: 22-06-2023

التقرير الإحصائي السنوي 2022 أضيف بتاريخ: 29-05-2023

المذهب الشافعي في الأردن أضيف بتاريخ: 23-05-2023

عقيدة المسلم - الطبعة الثالثة أضيف بتاريخ: 09-04-2023

مختصر أحكام الصيام أضيف بتاريخ: 16-03-2023

أثر جودة الخدمات الإلكترونية أضيف بتاريخ: 29-12-2022

مختصر أحكام زكاة الزيتون أضيف بتاريخ: 14-11-2022

نشرة الإفتاء - العدد 44 أضيف بتاريخ: 06-10-2022




جميع منشورات الإفتاء

الترويج للشذوذ الجنسي أضيف بتاريخ: 31-01-2024

أهمية الأمن الفكري أضيف بتاريخ: 09-01-2024

دور الذكاء الاصطناعي أضيف بتاريخ: 06-12-2023

التربية العقلية أضيف بتاريخ: 26-10-2023

سلسة قيم الحضارة في ... أضيف بتاريخ: 10-10-2023

المولد النبوي الشريف نور أشرق ... أضيف بتاريخ: 26-09-2023

النبي الأمي أضيف بتاريخ: 26-09-2023

اقتصاد حلال: موسوعة صناعة حلال أضيف بتاريخ: 05-09-2023




جميع المقالات

دراسات وبحوث


أضيف بتاريخ : 09-09-2014

هذا البحث يعبر عن رأي كاتبه، ولا يعبر بالضرورة عن رأي دائرة الإفتاء العام


­ نظرية الظروف الطارئة: أركانها وشروطها (*)

الدكتور أحمد الصويعي شليبك/ كلية الشريعة، جامعة الشارقة

الملخص

تناول هذا البحث دراسة موضوع: نظرية الظروف الطارئة: أركانها وشروطها، وقد جعله الباحث في تمهيد وثلاثة مباحث، عرض في التمهيد تعريف الركن والشرط والفرق بينهما، وتعريف الظروف الطارئة. وعرض في المبحث الأول الركن الأول وهو العقد، ذكر فيه الشروط التي يجب توفرها في العقد حتى يمكن تطبيق نظرية الظروف الطارئة عليه. أما في المبحث الثاني فعرض الباحث فيه الركن الثاني وهو الظرف الطارئ، ذكر فيه أقسام الظروف الطارئة وشروطها. أما في المبحث الثالث فعرض الباحث الجزاء في نظرية الظروف الطارئة، في الفقه الإسلامي والقانون الوضعي، سواء كان برد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول، أو بفسخ العقد. ثم انتهى الباحث بخاتمة جمع فيها أهم النقاط التي تطرق إليها الباحث في بحثه.

المقدمة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد:

فتعد العقود من أعظم ما ابتدعته الحضارة الإنسانية من أدوات، فقد استطاع الإنسان عن طريق هذه الأداة أن يهتدي إلى أنظمة متطورة في تبادل السلع والمنافع وتنمية الموارد، وإقامة العلاقات الاقتصادية على نطاق العالم بأسره.

لقد ازدهر مبدأ سلطان الإرادة إثر ظهور المذاهب الإرادية وانتشار الفلسفة الفردية في العصور الحديثة، وبحسب الأصل فإن مبدأ سلطان الإرادة في القانون لا يجيز لأحد المتعاقدين أن يستقل بنقض الاتفاق، أو تعديله إلا بموافقة المتعاقدين أو لسبب قانوني، أما خلاف ذلك فليس له سوى تنفيذ هذا الالتزام طوعا، أو جبرا، وليس هناك ما يعفي المدين من عدم قيامه بما التزم به إلا أن تحول دون ذلك قوة قاهرة، أو حادث مفاجئ. وإن كانت نظرية القوة القاهرة قد عالجت الحالات التي تقوم فيها استحالة مطلقة عن طريق إنهاء الالتزام وإعفاء المدين من التنفيذ، فإن السبيل إلى معالجة الحالات التي تطرأ فيها استحالة نسبية لا تؤدى إلى الحيلولة دون تنفيذ الالتزام هو نظرية الظروف الطارئة.

وتفترض هذه النظرية أن عقدا ما قد أبـرم في ظل الأحوال العادية، فإذا بالظروف الاقتصادية التي كانت أساسا يرتكز عليه توازن العقد وقت تكوينه قد تغيرت بصورة لم تكن في الحسبان، فيؤدي هذا التغير في الظروف إلى أن يصبح تنفيذ العقد ليس مستحيلا وإنما مرهقًا للمدين بحيث يهدده بخسارة فادحة.

لقد سبقت الشريعة الإسلامية غيرها من الشرائع بالأخذ بنظرية الظروف الطارئة، ذلك لأن الشريعة الإسلامية تقيم أحكامها على أساس العدالة والرفق بالناس ورفع الحرج عنهم، وهي بذلك تختلف عن مبدأ سلطان الإرادة ومن يقول به، لأنها تقوم على أساس مفهوم الحق.

قال الفقيه الفرنسي الأستاذ لامبير في المؤتمر الدولي للقانون المقارن الذي انعقد بمدينة لاهاي سنة 1932: "إن نظرية الضرورة في الفقه الإسلامي تعبر بصورة أكيدة وشاملة عن فكرة يوجد أساسها في القانون الدولي العام في نظرية الظروف المتغيرة، وفي القضاء الإداري الفرنسي في نظرية الظروف المقارنة، وفي القضاء الانكليزي فيما أدخله من المرونة على نظرية استحالة تنفيذ الالتزام تحت ضغط الظروف الاقتصادية التي نشأت بسبب الحرب، وفي القضاء الدستوري الأمريكي في نظرية الحوادث المفاجئة"([1]).

وقد نادى الأستاذ السنهوري أيضا إلى الأخذ بنظرية الظروف الطارئة استنادا إلى نظرية الضرورة في الشريعة الإسلامية. فقد جاء في مقاله الذي نشر عام 1936 بعنوان (وجوب تنقيح القانون المدني المصري): قوله: "على أن هذه النظرية عادلة، ويمكن للمشرع المصري في تقنينه الجديد أن يأخذ بها استنادا إلى نظرية الضرورة في الشريعة الإسلامية، وهي نظرية فسيحة المدى، وخصبة النتائج تتسع لنظرية الظروف الطارئة، ولها تطبيقات كثيرة، منها نظرية العذر في فسخ الإيجار، وقد أصبحت نظرية الضرورة من النظريات الأساسية في الشريعة الإسلامية، وهي تماشي أحدث النظريات القانونية في هذا الموضوع"([2]).

وإذا كان الفقه الإسلامي لم ترد فيه نظرية عامة للحوادث الطارئة على النحو الوارد في القوانين الوضعية، إلا أنه عرف تطبيقات مختلفة لهذه النظرية، أهمها: الأعذار في الإيجار، والمزارعة، والمساقاة، حيث يفسخ عقد الإيجار، والمزارعة، والمساقاة للعذر عند الحنفية، والجوائح في بيع الثمار، حيث ينقص الثمن بقدر معين عند المالكية والحنابلة.

ومنهجي في هذا البحث إن وجدت خلافا بين الشريعة والقانون، أو بين فقهاء القانون أنفسهم أذكره مع أدلتهم والترجيح. وقد قسمت هذا البحث إلى مقدمة وتمهيد وثلاثة مباحث وخاتمة، والطريقة التي سرت عليها ما يلي:

التمهيد: تعريف الركن والشرط والمعنى العام لنظرية الظروف الطارئة.

المبحث الأول: الركن الأول: العقد أو الالتزام التعاقدي

الشرط الأول: أن يكون العقد متراخي التنفيذ: ويشمل:

1- عقد المدة.

2- العقود الفورية المؤجلة التنفيذ.

الشرط الثاني: ألا يكون العقد المتراخي من العقود الاحتمالية.

الشرط الثالث: أن يكون العقد ملزما للجانبين.

المبحث الثاني: الركن الثاني: الحادث الطارئ: وينقسم إلى قسمين:

القسم الأول : من حيث طبيعته ومنشؤه.

الشرط الأول: أن يكون الحادث استثنائياً.

الشرط الثاني: أن يكون الحادث الاستثنائي عاماً.

الشرط الثالث: أن يكون الحادث غير متوقع ولا يمكن دفعه.

القسم الثاني: من حيث نتيجة الحادث الاستثنائي غير المتوقع.

1- المراد بهذا القسم.

2- تحديد معيار الإرهاق.

3- مقدار الخسارة التي تؤدى إلى الإرهاق.

المبحث الثالث: الجزاء في نظرية الظروف الطارئة.

الخاتمة.

أسأل الله العلي القدير أن يكون هذا البحث قد أصاب الحق فيما ذهب إليه، وختاما أصلى وأسلم على رسولنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه.

التمهيـــد

قبل البدء في الحديث عن أركان نظرية الظروف الطارئة وشروطها، نقوم بتعريف الركن والشرط والمعنى العام لنظرية الظروف الطارئة.

أولا: تعريف الركن في اللغة والاصطلاح.

تعريف الركن في اللغة.

ركن الشيء في اللغة: جانبه الأقوى الذي يمسكه، كأركان البيت، وهي زواياه التي تمسك بناءه، وأركان كل شيء: جوانبه التي يستند إليها ويقوم بها، فأركان الشيء أجزاء ماهيته، وجمعه: أركان وأركن([3]).

تعريف الركن في الاصطلاح.

هو ما يتوقف الشيء على وجوده وكان جزءاً من حقيقته، أو ماهيته([4]).

ثانيا: تعريف الشرط في اللغة والاصطلاح.

تعريف الشرط في اللغة.

الشرط لغة بمعنى العلامة المميزة، ومنه أشراط الساعة، قال الله تعالى:(وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُم) محمد/8. أي: علاماتها، ومنه سمي الشرط-بضم وفتح- لأعوان السلطان، لأنهم جعلوا لأنفسهم علامات يعرفون بها. والشرط- بفتح وسكون- إلزام الشيء، والتزامه في البيع ونحوه كالشريطة([5]).

تعريف الشرط في الاصطلاح.

ما يلزم من عدمه عدم المشروط، ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته([6]).

فالركن والشرط يتفقان بأن كلا منهما يتوقف عليه وجود الشيء وجودا شرعيا، ويختلفان بأن الركن يدخل في تكوين الشيء ويتوقف وجوده عليه، فهو يدور معه وجودا وعدما، والشيء في أركانه، فإن تخلف أي منها انتفى وجوده، في حين أن الشرط وإن كان يتوقف عليه وجود الشيء فهو لا يدخل في مقومات تكوينه، بمعنى أن الركن به اقتضاء الشيء، أو به وجوده، وليس كذلك الشرط([7]).

فكل معاملة تخلف عنها ركن أو شرط، فهي معاملة باطلة لا يترتب عليها شيء، لأنه يصدق على كل معاملة فقدت ركنها أو شرطها، أنها معاملة فقدت مالا يمكن تصورها ووجودها بدونه، سواء أكان جزءاً منها، أم خارجاً عنها، وحينئذ لا يتصور لها وجود يرتب الشارع عليه أثراً.

ثالثا: المعنى العام لنظرية الظروف الطارئة.

لم يضع الفقه الإسلامي تعريفا لنظرية الظروف الطارئة، لأن الفقهاء لم يعنوا ببحث النظريات العامة، بل كانوا يتناولون كل مسألة على حدة، ويجتهدون في تحري حكم الله تعالى بما يقتضيه العدل فيها، استنباطا من النص إن ورد فيها، أو دلالة بالاجتهاد بالرأي من قواعد التشريع، أو معقول النص، ويمعنون في تحليل الواقعة علميا وواقعيا، آخذين في اعتبارهم ما يحتف بها من ظروف ملابسة في كل عصر يرون أن لها دخلا في تشكيل علة الحكم([8]).

وقد عرفها بعض المعاصرين بأنها: مجموعة القواعد والأحكام التي تعالج الآثار الضارة اللاحقة بأحد العاقدين الناتجة عن تغير الظروف التي تم بناء العقد في ظلها([9]).

والمعنى الإجمالي للنظرية، هو: أن المقصود بالظرف أو الحادث الطارئ هو كل حادث عام، لاحق على تكوين العقد، وغير متوقع الحصول عند التعاقد، ينجم عنه اختلال بيِّن في المنافع المتولدة عن عقد يتراخى تنفيذه إلى أجل أو آجال، ويصبح تنفيذ المدين لالتزامه كما أوجبه العقد يرهقه إرهاقاً شديدًا، يتهدده بخسارة فادحة تخرج عن الحد المألوف في خسائر التجار، وذلك كخروج سلعة تعهد المدين بتوريدها من التسعيرة وارتفاع سعرها ارتفاعا فاحشا غير مألوف ولا متوقع([10]).

وتفترض هذه النظرية أن عقدا من العقود طويلة الأجل، أو متراخية التنفيذ، كعقد الإجارة، والمساقاة، والمزارعة، والبيع، وكذا تغير قيمة النقود، والجوائح، إذا أجل تنفيذه، وعقود التوريد، والمقاولة، وعقود التزام المرافق العامة، قد أبرم في ظل الأحوال العادية، فإذا بالظروف الاقتصادية التي كانت أساسا يرتكز عليه توازن العقد وقت تكوينه قد تغيرت بصورة لم تكن في الحسبان، فيختل التوازن الاقتصادي للعقد اختلالا خطيراً، ويؤدي هذا التغير في الظروف إلى أن يصبح تنفيذ العقد والوفاء بالالتزامات الناشئة عن العقد ليس مستحيلا استحالة تامة ينقضي بها الالتزام، وإنما مرهقا للمدين بحيث يؤدي إجباره عليه إلى إفلاسه، أو ينزل به على الأقل خسارة فادحة تخرج عن الحد المألوف، فتتدخل النظرية لإزالة الظلم اللاحق بالمدين، ورد التزامات العقد إلى الحد المعقول تحقيقا لمقتضيات العدالة، ورفعا للظلم عن المتعاقدين([11]).

المبحث الأول

الركن الأول: العقد أو (الالتزام التعاقدي)

يشترط في تطبيق نظرية الظروف الطارئة أن يكون الالتزام ناشئا عن عقد، سواء أكان هذا العقد من العقود ثنائية الطرف كعقود التوريد، أو الإجارة، أم من العقود أحادية الطرف كعقود الإرادة المنفردة.

أما الالتزام غير التعاقدي فلا يمكن بأي حال أن يتحقق به وجود هذه النظرية، كالالتزام الناشئ عن الضمان مثلا فإن النظرية لا تنطبق عليه.

والعقد هنا ليس أي عقد تتحقق به النظرية، وإنما يشترط في العقد شروط ثلاثة هي:

الشرط الأول: أن يكون العقد متراخي التنفيذ عن وقت إبرامه:

حتى  يمكن أن تكون الظروف الطـارئة سببـاً لتعديل العقد، يجب أن يكون هذا العقد متراخي التنفيذ، أي أن تكون هناك فترة من الزمن ما بين صدور العقد وتنفيذه، ليتصور طروء العذر، أو الحادث الاستثنائي المخل بالتزامات المتعاقدين بعد إبرام العقد وقبل التنفيذ، أو أثناءه، بحيث تختلف ظروف إبرام العقد عن ظروف تنفيذه.

ويعدّ الزمن عنصرا هاما في شرط التراخي، وتتجلى هذه الأهمية في جانبين: الجانب الأول: ضرورة أن يمتد تنفيذ العقد في المستقبل حتى يجد الظرف الطارئ مسرحا زمنيا يقع فيه الإخلال باقتصاديات العقد.

أما الجانب الثاني: أن يكون هناك متسع من الوقت يسمح بتأثير هذا الظرف الطارئ على الالتزام العقدي قبل تمام تنفيذه([12]).

ويجب ألا يكون تراخى التنفيذ راجعا إلى خطأ المدين، فإذا كان تراخى التنفيذ يرجع إلى خطأ المدين، كما إذا كان التنفيذ واجب الحصول فور انعقاد العقد وقت أن كان التنفيذ سهلا هينا، ولكن المدين تراخى في التنفيذ مدة طويلة إلى أن وقع الحادث الطارئ، وجعل القيام بالتنفيذ يهدده بخسارة فادحة، فلا تطبق النظرية ومن ثم يجب أن يتحمل نتائج الحوادث التي جعلت تنفيذ التزامه مرهقا، رغم كونها حوادث استثنائية وغير متوقعة([13]).

والعقود التي تحقق هذا الشرط – أي شرط التراخي- والتي يستغرق تنفيذها مدة من الزمن هي:

1- عقود المدة، أو المستمرة: وهى العقود التي يدخل الزمن في تعيين محلها، فيكون الزمن عنصرا جوهريا فيها بحكم طبيعة الأمور، بحيث لا يتصور الأداء إلا ممتدا مع الزمن، إما لأنه لا يمكن تحديدها إلا على أساس الزمن كما هو الشأن في الالتزامات التي يكون محلها الانتفاع بشيء من الأشياء، مثل التزام المؤجر بتمكين المستأجر من الانتفاع. وإما لأن المتعاقدين قد اتفقا على تكرارها فترة زمنية معينة مما يجعل من الزمن مقياسا لها كما هو الشأن في الالتزام بتوريد شيء معين كل فترة زمنية معينة([14]). وتنقسم عقود المدة إلى:

أ) عقود ذات تنفيذ مستمر: كعقد الإجارة حيث يعد الزمن فيه عنصرا ملازما للاستيفاء لا ينفصل عنه، لأنه معياره بالنسبة للمستأجر، أو يعدّ عنصرا في الأداء بالنسبة للمؤجر، فالأداء الرئيسي في عقد الإيجار هو تمكين المستأجر من الانتفاع بالشيء المؤجر لمدة معينة، وهذا الانتفاع لا يمكن أن يتحقق إلا إذا ترك الشيء في يد المستأجر مدة، أو زمناً معيناً، وبحيث يكون الزمن هو أساس تحديد مقدار المنفعة المعقود عليها، وعقد المزارعة، والمعاملة عند الحنفية([15])، وكعقود بيع الثمر القائم على الشجر، وبعد بدو صلاحه، فإنه تقطف بطونها متلاحقة على النضارة عادة عند المالكية والحنابلة([16])، فيستمر تنفيذ العقد ولا يتزامن مع وقت إبرامه، وكبيع الزروع والخضار التي يتلاحق قطفها، وكعقد العمل حيث يقوم العامل بالعمل لحساب رب العمل، ويتم تحديد مقدار الخدمات التي يؤديها العامل بالزمن.

ب) عقود ذات تنفيذ دوري: كعقد التوريد يلتزم بموجبه أحد المتعاقدين أن يورد للآخر شيئا يتكرر لمدة معينة، كما لو تعاقد متعهد مع شركة على أن يورد لها مادة الإسمنت بواقع (100) مائة طن لكل شهر مقابل مبلغ اتفق عليه بينهما ولمدة ستة أشهر، فمحل التزام المتعاقد هنا يمكن قيامه دون حاجة إلى الزمن، ولكن المتعاقدين باتفاقهما جعلا الزمن عنصرا جوهريا في العقد. فهنا يتصور إمكانية أن يطرأ الحادث بعد إبرام العقد وقبل تنفيذه، أو في أثناء تنفيذه.

وعقود المدة بقسميها هي المجال الطبيعي لنظرية الظروف الطارئة، ولهذا التقى الفقه الإسلامي والقانون على تطبيق النظرية عليها([17]).

2- العقود الفورية المؤجلة التنفيذ: العقد الفوري هو العقد الذي لا يكون الزمن عنصرا جوهريا فيه، فيكون تنفيذه فوريا كما هو الشأن في عقد البيع عادة إذ بمجرد تمام العقد يقوم البائع بتسلم المبيع والمشترى بدفع الثمن، وقد يتراخى تنفيذ العقد إلى أجل يحدد اختياريا، أو إجباريا: اختياريا كما لو اتفق على تأجيل تسليم المبيع، أو على تأجيل دفع الثمن، إجباريا كبيع شيء في حالته المستقبلة إذ يجب مرور بعض الوقت لإعداد المبيع، ولكن تأجيل تنفيذ العقد اختيارا، أو إجبارا لا يؤثر على صيغته، بل يظل عقدا فوريا، لأن تدخل عنصر الزمن فيه يعدّ تدخلا عرضيا لا يؤثر على مقدار الثمن، أو على مقدار المبيع([18]).

ومن ذلك يتضح أن العقد الفوري يتحدد محله مستقلا عن الزمن، وأن الزمن إذا تدخل فيه فإنما يتدخل عنصرا عرضيا، لا عنصرا جوهريا، لتحديد وقت التنفيذ لا لتحديد قيمة المحل المعقود عليه.

فالعقود الفورية التي لا يتفق على تأجيلها، وإنما يتم تنفيذها فور انعقادها، لا يتصور طروء الظرف عليها، وإن طرأ بعد تنفيذها فلا مجال لتحقق هذه النظرية أو ترتيب آثارها، لأن الالتزامات التي نشأت عن العقد تكون قد انقضت بالوفاء، وبالتالي لا تكون هناك التزامات قائمة يمكن تعديلها([19]). غير أنه قد يحدث في العقد الفوري التنفيذ أن ينعقد، وبعد إبرامه فورا وقبل تنفيذه يطرأ الحادث، أو العذر، أو الظرف، ففي هذه الحالة فإن النظرية تنطبق على العقد، لأنه لا يشترط في العقد إلا أن يكون متراخيا في تنفيذه، وهنا وإن كان العقد فوريا إلا أنه ولسبب طارئ لا يد للمدين فيه حدث العذر، أو الحادث بعد الإبرام وقبل التنفيذ الفوري للالتزام الناشئ عن هذا العقد([20]).

أما العقود الفورية المؤجلة التنفيذ، كعقد البيع الذي يتفق فيه على تأجيل دفع الثمن بالكامل إلى مدة معينة، أو على تقسيط الثمن على دفعات شهرية فيتصور طروء الظرف عليها، وبالتالي تنطبق نظرية الظروف الطارئة عليها، لأن شرط التراخي هو شرط غالب لا شرط ضروري، والعبرة في هذا الشرط وجود فاصل زمني بين إبرام العقد وتنفيذه، هذا في الفقه الإسلامي([21])، أما في القانون فقد اختلف شراح القانون المدني في إعمال نظرية الظروف الطارئة في العقود الفورية المؤجلة التنفيذ.

سبب الاختلاف:

وسبب اختلاف شراح القانون المدني يرجع إلى أنه لم يرد في نص المادة (147) فقرة ثانية من القانون المصري بيان العقود التي تشملها نظرية الظروف الطارئة، حيث قرر أنه: (ومع ذلك إذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها وترتب على حدوثها أن تنفيذ الالتزام التعاقدي، وإن لم يصبح مستحيلا صار مرهقا للمدين بحيث يهدده بخسارة فادحة...)([22]).

ويصدق هذا على نصوص التقنينات العربية، كالتقنين الجزائري في المادة (107)، والسوري في المادة (148)، والعراقي في المادة (146)، والليبي في المادة (147)([23]). وجاء نص المادة (269) من تقنين الالتزامات البولوني، ونص المادة (338) من القانون المدني اليوناني([24]) مشابها للنصوص العربية. فلم يذكرا شيئا في هذا الخصوص.

أما المشرع الإيطالي فقد حسم كل نزاع يثور في الفقه، أو القضايا حول نطاق تطبيق نظرية الظروف الطارئة، إذ نص صراحة في المادة (1467) على أنه: (في العقود ذات التنفيذ المستمر، أو التنفيذ الدوري، أو التنفيذ المؤجل إذا أصبح التزام أحد المتعاقدين مرهقا على أثر ظروف استثنائية جاز للمتعاقد المدين بهذا الالتزام أن يطلب فسخ العقد، وللمتعاقد الآخر أن يدرأ طلب الفسخ بأن يعرض تعديلا لشروط العقد بما يتفق مع العدالة)([25]).

وإزاء سكوت نصوص التقنينات العربية عن مجال تطبيق نظرية الظروف الطارئة، وما أثاره صدور القانون رقم (178) لسنة 1952 الخاص بالإصلاح الزراعي في مصر من مسألة تطبيق نظرية الظروف الطارئة على عقود بيع الأرض الزراعية التي أبرمت قبل صدور القانون والتي لم يمكن تنفيذها حتى صدوره، سواء لعدم إتمام إجراءات التسجيل، أو لاتفاق الطرفين على التأجيل([26])، وقع الخلاف في: هل يشترط في العقد الذي تنطبق عليه النظرية أن يكون التراخي فيه بين إبرامه وتنفيذه طبيعيا بحيث يكون عنصر الزمن عنصرا جوهريا في تكوينه، وذلك لا يتحقق إلا في عقود المدة، أم أن المشترط لتطبيق النظرية مطلق التراخي بين إبرام العقد وتنفيذه، أي سواء أكان هذا التراخي طبيعيا، أم كان باتفاق المتعاقدين، وبالتالي تشمل النظرية كل عقد لم يتعاصر وقت إبرامه مع وقت تنفيذه، على ثلاثة اتجاهات، اتجاه يضيق في مدى تطبيق هذه النظرية ويقصرها على عقود المدة، واتجاه يوسع في مدى تطبيقها، واتجاه يأخذ موقفا وسطا بين الاتجاهين السابقين.

الاتجاه الأول:

يرى أصحاب هذا الاتجاه أن تطبيق النظرية ينحصر في عقود المدة، أي في العقود المستمرة، أو الدورية التنفيذ، ولا يمكن تطبيقها على العقود الفورية حتى لو كان تنفيذها مؤجلا إلى المستقبل، أو كان تنفيذها مجزءاً على عدة سنوات، لأن تنفيذ هذا العقد في كلتا الحالتين يعدّ كلا لا يتجزأ. وقد اعتمد هذا الرأي فريق من الفقهاء العرب في القانون منهم الأستاذ محمد عرفة الذي كان أسبقهم إلى المناداة به وإقامة الحجة له([27]).

استند أصحاب هذا الاتجاه في تأييد رأيهم إلى حجج هي:

إن المشرع مادام لم يحدد العقود التي تنطبق عليها النظرية كما فعل المشرع الإيطالي في المادة (1467)، فيجب أن يكون العقد المراد تطبيقه عليه من العقود التي تحتم بطبيعتها تأجيل التنفيذ، إما لأن الزمن ركن أساسي في تنفيذ الالتزام كعقد المدة، أو لأن العمل المراد تحقيقه يستغرق إتمامه مرور مدة من الزمن كعقود الاستصناع، أما العقود الأخرى التي يكون للتأجيل فيها تحكيما لم يقصد به إلا تسهيل التنفيذ على المدين، فلا تنطبق عليه النظرية.

ونوقشت هذه الحجة: بأن الإطلاق دليل على أن المشرع لم يشأ أن يقيد النظرية بنوع مخصوص من العقود، حتى يتسع مجال تطبيق نظرية الظروف الطارئة لجميع العقود التي تفصل ما بين إبرامها وتنفيذها فترة زمنية، يطرأ خلالها حادث استنأئي غير متوقع، يؤدي إلى جعل التنفيذ مرهقا للمدين، وليس من السائغ من الوجهة التشريعية، أن يكون المشرع قد أراد التقييد ولم ينص عليه اعتمادا في هذه الحال إلى عقود المدة التي برزت في مجال تطبيقها كعقد التوريد([28]).

إن تطبيق الجزاء المترتب على الظروف الطارئة يقضي أن يرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول بالنسبة إلى الحاضر فقط دون مساس بمستقبل العقد، وهو لا يتأتى إلا إذا كان العقد من خصائصه التعاقب([29]). وهذا ما يصدق بصفة خاصة على عقد التوريد، وهو المجال الخصب لتطبيق نظرية الظروف الطارئة.

ونوقشت هذه الحجة: بأن تطبيق نظرية الظروف الطارئة، لا يتصل بطبيعة العقد، وإنما يتعلق بمرحلة تنفيذه، ولذلك لا يختلف الجزاء المترتب على تطبيق النظرية، سواء تضمن جملة أداءات، أو تضمن أداء واحدا، ففي كلا الحالتين يرد القاضي الالتزام إلى الحد المعقول بالنسبة للحاضر، إلا إذا كان أثر الطارئ قد امتد إلى المستقبل([30]).

إن المشرع (المصري) في استحداثه لنص الفقرة الثانية من المادة (147) إنما استجاب لما أشارت به محكمة النقض من وجوب وضع تشريع للأخذ بالنظرية، وكانت هذه الاستجابة من المشرع بمناسبة تطبيق النظرية على عقد التوريد، وهو من عقود المدة وليس عقدا فوريا، مما يدل على أن المشرع قد هدف إلى حصر نطاق تطبيق النظرية في العقود الزمنية دون العقود الفورية([31]).

وقد أخذت محكمة القاهرة الابتدائية بهذا الرأي، فأصدرت حكما جاء فيه([32]): (إن نظرية الحوادث الطارئة إنما مجالها العقود المتراخية أو المستمرة، كعقود التوريد لا العقود الفورية لعقد البيع الذي هو فوري بطبيعته، ولا يتصور حتى مع تقسيط الثمن للتيسير على المدين أن يتحلل هذا العقد إلى عدة عقود بقدر عدد الأقساط المستحقة. وأن نص المادة 2/147 من القانون المدني هو استثنائي من المبدأ العام الوارد في فقرتها الأولي- 1/147- ولا يصح أن يتوسع تفسير الاستثناء.

ومن هذا يتضح أنه لا مجال في رأي هذا الفريق للاحتجاج بنظرية الظروف الطارئة في صدد عقود البيع التي يتفق فيها المتعاقدان على تأجيل الثمن أو تقسيطه على دفعات ومما يقوي تخصيص عموم العقد في نص النظرية في القانون المدني (2/147) بعقود المدة، أن هذه العقود هي التي برزت في مجال تطبيقها في أول نشأتها، حيث كان أول تطبيق لها على عقود التوريد بواسطة القضاء الإداري الفرنسي، فقد صدر حكم إداري أخذ بهذه النظرية من المحكمة الإدارية العليا (مجلس الدولة) في قضية ثبت فيها أن شركة الغاز في مدينة بورود وجدت نفسها ملزمة بتوريد الغاز للمدينة بسعر ثماني سنتيمات، وقد ارتفع سعر الغاز عقب نشوب الحرب من ثمانية وعشرين فرنكا للطن في سنة 1913 إلى ثلاثة وسبعين فرنكا في سنة 1915، ولما رفع الأمر إلى مجلس الدولة قضى بتعديل العقد بما يتناسب مع السعر الجديد، ثم أعقب هذا الحكم أحكام كثيرة من القضاء الإداري بهذا المعنى([33]).

الاتجاه الثاني:

يرى أصحاب هذا الاتجاه أن نظرية الظروف الطارئة تنطبق على عقود المدة وعلى العقود الفورية ذات التنفيذ المؤجل، فشرط تطبيق النظرية لدى هؤلاء هو ألا يتحد وقت انعقاد العقد ووقت التنفيذ، بحيث يوجد فاصل زمني بين إبرام العقد وتنفيذه، وسواء كان العقد من العقود المستمرة كالإيجار وعقد العمل، أو من العقود الدورية التنفيذ كعقد التوريد، أو كان من العقود الفورية المؤجلة التنفيذ كعقد البيع بأجل أو بثمن مقسط. وقد اتفق غالبية القانونيين على هذا الرأي([34]).

واستند أصحاب هذا الاتجاه في تأييد رأيهم لما يلي:

1- عموم نص المادة المتعلقة بالظروف الطارئة في القانون المدني المصري (2/147)، والتقنينات العربية والغربية ماعدا الإيطالي، ذلك أن المشرع المصري في إطلاقه التعبير بالالتزام التعاقدي لم يخصص نوعا من الالتزام التعاقدي بعينه، بل أورد النص بصيغة عامة تتسع لتطبيق النظرية على جميع العقود التي يفصل بين تنفيذها فترة من الزمن يطرأ خلالها حادث استثنائي عام غير متوقع يؤدي إلى جعل تنفيذ الالتزام مرهقا للمدين يجاوز حدود السعة، ومن ثم فإن هذه النظرية تنطبق على عقود المدة ذات التنفيذ المستمر أو الدوري كما تنطبق على العقود الفورية المؤجلة التنفيذ، لأنه ليس من السائغ من الوجهة التشريعية أن يكون المشرع قد أراد التقييد ولم ينص عليه اعتمادا في هذه الحال على عقود المدة التي برزت في مجال تطبيقها كعقد التوريد.

2- إن الأساس الذي نهضت عليه النظرية هو تحقيق مبدأ العدالة في التعامل، فإذا كان الهدف من وراء تشريع هذه النظرية في عقود المدة هو الحاجة إلى إصلاح ما اختل من التوازن الاقتصادي للعقد في الفترة ما بين إبرامه وتنفيذه نتيجة للظروف الاستثنائية التي طرأت خلال هذه الفترة، وذلك لرفع العنت عن المدين تمكينا له من تنفيذ التزامه دون إرهاق كبير. فإن هذه الحاجة كما تقوم في هذه العقود، فإنها تقوم أيضا في العقود الفورية المؤجلة التنفيذ، بحيث لو أهملنا تطبيق النظرية عليها لأدى ذلك إلى الظلم والاختلال في توازن هذه العقود، وهذا ما ينافي مبدأ العدالة التي قامت عليها النظرية، فلزم أن يشمل التطبيق كلا النوعين من العقود([35]).

3- إن الاتجاه التشريعي قديمه وحديثه لا يفرق في تطبيق نظرية الظروف الطارئة بين عقود المدة وسائر العقود([36]).

وقد أخذت بعض المحاكم المصرية بهذا الاتجاه، فأصدرت محكمة استئناف القاهرة بتاريخ 8 ديسمبر 1957 حكما قضت فيه بفسخ حكم محكمة القاهرة الابتدائية السالفة الذكر، وقد جاء في حكم محكمة الاستئناف ما يلي: (وأما في خصوص تطبيق هذه النظرية، فقد كان ثمة رأي يقصر تطبيقها على عقد المدة الذي يتضمن جملة من الأداءات المتعاقبة، يعتبر كل منها كأنه عقد بذاته. ولكن الرأي الصواب تطبيق على عقود المدة والعقود الفورية التي يرجأ تنفيذها إلى المستقبل. فكافة العقود يسري عليها حكم النظرية مادامت لا يتعاصر وقت انعقادها ووقت تنفيذها)([37]). وقد صدرت عن هذه المحكمة وعن محاكم أخرى أحكام مماثلة تؤيد هذا الاتجاه وتعتمد في أسبابها عليه([38]).

وقد أخذ المشرع الفرنسي إبان الحرب العالمية الأولى والثانية بنظرية الظروف الطارئة بسبب اختلال الظروف الاقتصادية، ونص صراحة على تطبيق نظرية الظروف الطارئة على العقود الزمنية والعقود الفورية المؤجلة التنفيذ. وفعل ذلك أيضا القانون البلجيكي أثناء الحرب العالمية الأولى سنة 1919م([39]).

وقد اتجه القانون المدني الإيطالي في المادة (1467) بتطبيق نظرية الظروف الطارئة على العقود ذات التنفيذ المستمر والعقود ذات التنفيذ المؤجل، وجاء في البند (665) من التقرير الذي يتضمن الأسباب الموجبة لمشروع التقنين المدني الإيطالي ما يلي: (يجب أن لا يفرق بين العقود ذات التنفيذ المستمر، أو الدوري وبين العقود ذات التنفيذ المؤجل، فليس من المعقول أن يعلن قبول نظرية الظروف الطارئة على الطبيعة الخاصة التي للأداء الدوري أو المستمر، ثم إن الالتزام الجلي هو كالالتزام الدوري، التزام مؤجل التنفيذ لا دوريته ولا استمراره هو الباعث على الحماية التي قصد بها استبعاد النتائج الضارة الطارئة التي ترتب عليها اختلال التوازن التعاقدي الذي أراده المتعاقدان. وهذا الاختلال كما يمكن أن يوجد في الالتزام الذي ينفذ بصفة دورية، أو بصفة مستمرة يمكن أن يوجد كذلك في الالتزام الذي ينفذ بعد أجل واحد)([40]).

ويجب التنبيه هنا إلى أن هذا الاتجاه وإن كان قد أقر بتطبيق حكم الظروف الطارئة على العقود الفورية المؤجلة التنفيذ، إلا أنه اشترط لذلك أن يكون تأجيل التنفيذ بمقتضى الاتفاق، أو لسبب قهري لابد للمدين منه، أما إذا تأجل تنفيذ العقد الفوري بخطأ من المدين فإن النظرية لا تنطبق في هذه الحالة([41]).

الاتجاه الثالث:

وهذا الاتجاه يتوسع في الأخذ بنظرية الظروف الطارئة، فهو لا يهتم بعنصر الزمن، حيث حدد تطبيق النظرية وفقا لحالة التنفيذ التي يكون عليها العقد عند وقوع الحادث الطارئ فإما أن يكون العقد قد نفذ فلا تطبق النظرية، وإما أنه لم ينفذ فتطبق النظرية، سواء أكان العقد من العقود الفورية المؤجلة، أو غير مؤجلة التنفيذ، أم كان من العقود المستمرة أو الدورية التنفيذ([42]).

بناء على هذا الرأي يمكن تطبيق النظرية على العقود الفورية التنفيذ، إذا طرأت حوادث أو ظروف استثنائية عقب إبرامها مباشرة وقبل تنفيذها.

ويمكن الاستدلال لهذا الاتجاه بالأدلة التي استند إليها أصحاب الاتجاه الثاني من عمومية نص المادة 2/147 في القانون المصري وغيره من التقنينات العربية والغربية، ومن الأساس الذي قامت عليه النظرية وهو تحقيق مبدأ العدالة في التعامل([43]).

وقد استدل أصحاب هذا الرأي بدليل عقلي فقالوا: لا شك في أن الغالب الأعم في تطبيق هذه النظرية أن يمر وقت بين العقد وتنفيذه، وهذا ما يقع في عقود المدة والعقود ذات الطبيعة الفورية المؤجلة التنفيذ، ولكن هذا الغالب لا يحول دون النادر القليل. فقد يقع الحادث الاستثنائي بعد صدور العقد الفوري مباشرة، فيجب أن لا يمتنع تطبيق النظرية في هذا المجال([44]).

وقد أشار السنهوري إلى أن المشرع قد آثر إطلاق النص مقتديا بالمشرع البولوني، فقال: (إن العقد إذا كان غير متراخ، وطرأت مع ذلك هذه الحوادث الاستثنائية عقب صدوره مباشرة، وإن كان ذلك لا يقع إلا نادرا. فليس يوجد ما يمنع من تطبيق النظرية، ولهذا آثر القانون المصري- مقتديا في ذلك بالقانون البولوني- أن يسكت عن شرط التراخي، فهو شرط غالب لا شرط ضروري)([45]).

وأوضح السبب في هذا الإيثار فقال: (إن نص التشريع في هذا الشأن قد ورد عمدا بصفة عامة، حتى يتسع مجال تطبيق نظرية الظروف الطارئة لجميع العقود التي تفصل ما بين إبرامها وتنفيذها فترة زمنية، يطرأ خلالها حادث استثنائي غير متوقع، يؤدى إلى جعل التنفيذ مرهقا للمدين. ويراعى في هذا الشأن أنه عند وضع التقنين المصري، كان تحت نظر المشرع تشريعان، يشتمل كل منهما على نص عام في نظرية الحوادث الطارئة، وهما قانون الالتزامات البولوني المادة (269)، والقانون المدني الإيطالي المادة (1467)، كما كانت المذاهب المختلفة في تحديد نطاق هذه النظرية ماثلة أمامه. وكان في وسع القانون المصري أن يقتدي في هذا الشأن بالقانون الإيطالي، فيحصر تطبيق النظرية في العقود ذات التنفيذ المستمر والعقود ذات التنفيذ المؤجل، ولكنه آثر التعميم على غرار القانون البولوني، حتى تنبسط النظرية على كافة العقود المتراخية، حتى ما كان منها غير متراخ في تنفيذه، إذا طرأ الظرف الاستثنائي عقب إبرامها وقبل التنفيذ)([46]).

وقال في مقال نشره في مجلة المحاماة: (أن نظرية الظروف الطارئة تنطبق حتى ولو لم يكن العقد متراخيا في تنفيذه، إذا كان الظرف الطارئ قد وقع بعد إبرام العقد وقبل تنفيذه، لأن النظرية إنما تقوم في مرحلة تنفيذ العقد، فلا يحول دون انطباقها، إلا أن يكون العقد قد نفذ قبل وقوع الظرف الطارئ، أو يكون الدائن قد أعذر المدين)([47]).

الترجيح:

والراجح من هذه الآراء هو الاتجاه الثالث القاضي بسريان نظرية الظروف الطارئة على العقود المستمرة والعقود الفورية المؤجلة التنفيذ وغير المؤجلة التنفيذ إذا طرأ الحادث، أو العذر بعد إبرام العقد مباشرة، وهو يوافق ما ذهب إليه الفقه الإسلامي، لأن الأساس الذي بنيت عليه النظرية وهو طروء الظرف الاستثنائي غير المتوقع، يقضي بتطبيقها على كل عقد لم ينفذ، وأن الغاية التي شرعت من أجلها، وهى رد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول تقضي بتسوية الجزاء المترتب من تطبيقها على جميع العقود التي تتوافر فيها شروط النظرية وعناصرها.

ولأن الأساس الذي نهضت عليه النظرية هو تحقيق مبدأ العدالة في التعامل، وإصلاح ما اختل من التوازن الاقتصادي للعقد في الفترة ما بين إبرامه وتنفيذه نتيجة للظروف الاستثنائية التي طرأت عليه، وهذا الأساس كما ينطبق على العقود المستمرة والعقود المؤجلة التنفيذ ينطبق كذلك على العقود الفورية غير مؤجلة التنفيذ إذا وقع الظرف الطارئ المؤدي إلى اختلال التوازن التعاقدي بعد إبرام العقد مباشرة وقبل تنفيذه.

الشرط الثاني: ألا يكون العقد المتراخي التنفيذ من العقود الاحتمالية:

يشترط لتطبيق النظرية أن يكون في العقود المحددة، وهى العقود التي يستطيع فيها كل من المتعاقدين أن يحدد وقت تمام العقد، القدر الذي أخذ والقدر الذي أعطى حتى لو كان القدران غير متعادلين، فبيع شيء معين بثمن معين عقد محدد، سواء كان الثمن يعادل قيمة المبيع، أولا يعادله، مادامت قيمة المبيع ومقدار الثمن يمكن تحديدهما وقت البيع([48]). وهذا لا خلاف فيه.

أما العقود الاحتمالية، وهي العقود التي لا يعرف فيها وقت إبرامها مقدار الغرم بالنسبة للغنم، أو مقدار الاحتمال الذي يستهدف له كل من المتعاقدين، ولا يستبين هذا إلا فيما بعد، وفقا لمجرى الحوادث. مثل: بيع الأشياء المستقبلة كبيع الثمار قبل انعقادها، والزرع قبل نباته بثمن جزاف، وعقد المرتب مدى الحياة المعقود على سبيل المعاوضة، وعقد التأمين وعقد الرهان وعقد النصيب وعقد المضاربة في بورصة الأوراق المالية، أو في بورصة البضائع([49]).

فالمضارب مثلا في عقد المضاربة في البورصة لا يجوز له أن يطلب تعديل التزاماته استنادا إلى تغير الظروف، لأن ذلك يتنافى مع طبيعة عقد المضاربة. والمستأمن في عقد التأمين على الحياة لا يستطيع وقت إبرام العقد أن يحدد مقدار ما سيدفع من أقساط، ولا تستطيع شركة التأمين أن تحدد مقدار ما ستدفع من تعويضات، فقد تطول حياة المستأمن فيزيد عدد ما يدفعه من أقساط التأمين، وتزيد بالتالي جملة المبالغ التي يدفعها، فتكون شركة التأمين هي الرابحة، وقد يموت مبكرا فلا يدفع إلا قسطا أو أقساطا قليلة، فتخسر شركة التأمين خسارة جسيمة([50]).

والعقود الاحتمالية لا تنطبق عليها نظرية الظروف الطارئة في نظر الشريعة الإسلامية وجمهور فقهاء وشراح القانون المدني، لقيامها على المخاطرة والغرر. وكل عقد هذا شأنه فهو غير مشروع ولا معتبر، وبالتالي لا يستفيد من الرخصة الشرعية والقانونية المتمثلة في الحلول الاستثنائية التي تمنحها نظرية الظروف الطارئة للمتضرر في تنفيذ الالتزام التعاقدي، لأن الرخص لا تناط بالمعاصي([51]).

ثم إن من طبيعة العقود الاحتمالية أن تعرض أحد المتعاقدين لاحتمال كسب، أو خسارة باهظة فالإرهاق متلازم مع هذه العقود ومتوقع من المتعاقدين منذ إبرام العقد، فالأساس الذي بنيت عليه هذه العقود، هو غبن احتمالي وخسارة متوقعة يتحملها أحد العاقدين، وهذا ينافي الأساس الذي تقوم عليه نظرية الظروف الطارئة، وهو ألا يكون في الوسع توقع الإرهاق، أي توقع حصول الضرر الفاحش، أو الخسارة حين إبرام العقد. ولذلك لا تنطبق النظرية على العقود الاحتمالية.

ويرى بعض شراح القانون المدني جواز تطبيق النظرية على جميع العقود بما فيها العقود الاحتمالية، استنادا إلى عمومية النصوص المقررة لنظرية الظروف الطارئة، حيث اقتصرت على ذكر الالتـزام التعاقدي دون تخصص، أو تقييد([52]).

وقد أخذت محكمة النقض السورية بهذا الرأي، في حكمها الصادر في 13 ديسمبر سنة 1955([53]).

وهذا الرأي غير صحيح، لأن عمومية النصوص المقررة للنظرية، لا تعني إرادتها انطباق النظرية على العقود الاحتمالية، لأن هذه العقود مستثناة بداهة بالنص على شرط عدم التوقع في النصوص نفسها، فقد جاء في القانون المصري: (ومع ذلك إذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها...). فدل هذا النص على أن الحوادث الاستثنائية المتوقعة الحدوث لا تدخل في نطاق النظرية.

ثم إن الأمر لا يتصل بعموم النص وإطلاقه، حتى يصح القول بسريان النظرية على كل العقود بما فيها العقود الاحتمالية، وإنما يتعلق الأمر بطبيعة العقد المرتبط بالأساس الذي تقوم عليه النظرية، وهو ألا يكون في الوسع توقع الإرهاق، فإذا لم يوجد هذا العنصر في العقد فقدت النظرية الأساس القانوني الذي تقوم عليه، فلا تطبق على هذا العقد، وهذا العنصر مفقود في العقود الاحتمالية بحكم طبيعتها، فلذلك تخرج عن نطاق نظرية الحوادث الطارئة([54]).

الشرط الثالث:

العقد الملزم للجانبين: هو العقد الذي ينشئ التزامات، أو حقوقا متقابلة في ذمة كل من المتعاقدين، كعقد البيع يلتزم البائع بنقل ملكية المبيع في مقابل أن يلتزم المشتري بدفع الثمن، وكذلك عقود الإيجار، والقرض، والعارية، والشركة، والمقاولة، وعقد العمل، فالظاهرة الجوهرية في العقد الملزم للجانبين هو التقابل القائم ما بين التزامات أحد الطرفين والطرف الآخر([55]).

أما العقد الملزم لجانب واحد: فهو العقد الذي ينشئ التزامات في ذمة أحد المتعاقدين دون الآخر، بحيث يكون أحد طرفيه دائنا فقط غير مدين، والآخر مدينا غير دائن، كعقد الوديعة غير المأجورة يلتزم بمقتضاه المودع عنده نحو المودع أن يتسلم الشيء المودع وأن يتولى حفظه وأن يرده عينا، دون أن يلتزم بشيء نحو المودع عنده([56]).

يلاحظ أن الاعتداد في تحديد وصف العقد، وهل هو ملزم للجانبين (متبادل)، أو ملزم لجانب واحد (غير متبادل)، هو بالنظر إلى وقت إبرامه، بحيث لا يعتبر العقد متبادلا إلا إذا كان يرتب منذ إبرامه التزامات على عاتق كل من طرفيه، بغض النظر عن الالتزامات التي قد تنشأ في وقت لاحق. فالعقد الذي يرتب عند إبرامه التزامات على عاتق أحد طرفيه فقط دون الطرف الآخر يعدّ عقدا ملزما لجانب واحد، ولو نشأ فينا بعد التزام، أو التزامات على عاتق الطرف الآخر.

من هنا نجد بعض فقهاء وشرّاح القانون اشترطوا في العقد أن يكون ملزما للجانبين، أي قصروا تطبيق النظرية على العقود الملزمة للجانبين دون العقود الملزمة لجانب واحد بناء على ما نصت عليه المادة 2/147 من القانون المدني المصري وغيره من التقنينات العربية: (ومع ذلك إذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها، وترتب على حدوثها أن تنفيذ الالتزام التعاقدي. وإن لم يصبح مستحيلا صار مرهقا للمدين بحيث يهدده بخسارة فادحة، جاز للقاضي تبعا للظروف وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين أن يرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول)([57]).

فقوله: (وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين) يوحي بضرورة وجود تقابل بين الالتزامات.

ونص القانون البولوني في المادة (269) على هذا الشرط فقال: "إذا وجدت حوادث استثنائية كحرب، أو وباء، أو هلاك المحصول هلاكا كليا وغير ذلك من النوازل الطبيعية، فأصبح تنفيذ الالتزام محوطا بصعوبات شديدة، أو صار يهدد أحد المتعاقدين بخسارة فادحة لم يكن المتعاقدان يستطيعان توقعها وقت إبرام العقد، جاز للمحكمة إذا رأت ضرورة لذلك، تطبيقا لمبادئ حسن النية، وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين، أن تعين طريقة الالتزام، أو أن تحدد مقداره، بل وأن تقضي بفسخ العقد"([58]).

ونص على هذا الشرط القانون الإيطالي أيضا في المادة (1467) فقال: "في العقود ذات التنفيذ المستمر، أو التنفيذ الدوري، أو التنفيذ المؤجل إذا أصبح التزام أحد المتعاقدين مرهقا على أثر ظروف استثنائية، جاز للمتعاقد المدين بهذا الالتزام أن يطلب فسخ العقد، وللمتعاقد الآخر أن يدرأ طلب الفسخ بأن يعرض تعديلا لشروط العقد بما يتفق مع العدالة"([59]).

بناء على هذه النصوص قصر هؤلاء الشرّاح للقانون تطبيق النظرية على العقود الملزمة للجانبين، حيث يستطيع أي من المتعاقدين دائنا أو مدينا أن يطلب تطبيق النظرية متى أصبح تنفيذ التزامه مرهقا بما يجاوز حدود قدراته. بخلاف العقود الملزمة لجانب واحد فإن النظرية لا تنطبق عليها، لأن العقد لا ينشئ الالتزامات إلا في جانب أحد المتعاقدين، بحيث يكون مدينا ولا دائنا، ويكون الآخر دائنا ولا مدينا، وعلى هذا لا مجال لإعمال قاعدة تبادل التطبيق على العقود الملزمة لجانب واحد، لأن الدائن لا يتحمل الالتزام حتى يطلب الترفق به عند قيام الإرهاق في التنفيذ.

ولكن الصحيح والله أعلم بالصواب أن النظرية تنطبق على النوعين من العقود الملزمة للجانبين والملزمة لجانب واحد دون تفضيل بعضها على بعض، لأنه إذا كانت الحكمة التي من أجلها شرعت نظرية الظروف الطارئة هي إزالة الإرهاق عن أحد المتعاقدين وتخفيف التزامه، فليس من العدالة أن يرفق بمتعاقد دون الآخر لمجرد أن الالتزام العقدي الذي يتحمل به لا يجد التزاما يقابله من الناحية الأخرى، فالعبرة بالالتزام التعاقدي الذي إذا طرأ عليه الحادث أو الظرف يصبح مرهقا، وليس الالتزام الذي يقابله.

ولأن الأساس الذي نهضت عليه النظرية وهو تحقيق مبدأ العدالة في التعامل، وإصلاح ما اختل من التوازن في العقد ورد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول، يقضى بتسوية الجزاء المترتب من تطبيق النظرية على جميع العقود الملزمة للجانبين والملزمة لجانب واحد([60]).

المبحث الثاني

الركن الثاني: الظرف الطارئ

يوجب هذا الركن وجود ظروف طارئة بعد إبرام العقد وقبل تنفيذه تؤدي إلى اختلال الالتزام التعاقدي وتوازنه.

وليس كل ظرف، أو حادث يكون سببا لتطبيق النظرية، بل يتعين في هذا الظرف أو الحادث أن يتصف بأوصاف معينة، يمكن تقسيمها إلى قسمين:

القسم الأول: من حيث طبيعته ومنشؤه:

يشترط في الحادث الذي يطرأ على العقد فيما بين إبرامه وتنفيذه، والذي يترتب عليه جواز تعديل العقد أو فسخه، الشروط التالية:

الشرط الأول: أن يكون الظرف أو الحادث استثنائياً:

والمقصود بالحادث الاستثنائي أن يكون غير مألوف، أي نادر الوقوع، سواء أكان هذا الحادث سماويا كالجوائح، والفيضان، والجراد، والعفن، والدود، والزلزال، والوباء، أم كان من الآدميين كالحرب، والثورة، أو فرض تسعير جبري أو إلغائه.

فإذا كان الحادث مألوفا، فلا يعتد به، ولا تنطبق النظرية عليه، لأنه من عادة المألوف أن يكون محتملا بحكم العادة، أو التعامل([61]).

والحادث قد يكون استثنائيا بطبيعته كالحروب والزلازل والأوبئة والتشريعات أو الأوامر الإدارية من قبل الدولة كصدور أوامر السلطة الحاكمة بإغلاق الحوانيت أم الاستيلاء عليها، وقد يكون بجسامة قدره التي جاوزت المألوف، كارتفاع الأسعار ونزولها والفيضان والإصابة بدودة القطن، فالفيضان في مصر مثلا مألوف، وما ينشأ عنه من أضرار لا يعد ظرفا استثنائيا يؤثر في الالتزام التعاقدي، ولكنه يعد استثنائيا إذا جاوز حده المألوف وجعل تنفيذ الالتزام مرهقا([62]).

ويجب أن يراعى في تحديد الحادث الاستثنائي المكان والزمان، فما يكون استثنائيا في بلد قد يكون عاديا في بلد آخر، وما يكون استثنائيا في زمن يبدو مألوفا في زمن آخر([63]).

هذا ولم تأت النصوص العربية ولا النص الإيطالي واليوناني بأمثلة عن الجوانب الاستثنائية أما القانون البولوني فقد مثل للحوادث الاستثنائية بالحرب والوباء وهلاك المحصول هلاكا كليا، أو غير ذلك من النوازل الطبيعية([64]).

أما في الفقه الوضعي، فنجد معظم الفقه الغربي قد تولى تحديد الحوادث الاستثنائية، فمثلها بالزلازل والحرب والوباء والفيضان وزحف الجراد، وفرض تسعيرة جبرية والارتفاع الباهظ في الأسعار وغير ذلك([65]).

الشرط الثاني: أن يكون الحادث الاستثنائي عاما:

والمقصود بالعموم أن لا يكون الحادث الاستثنائي خاصا بالمدين الذي يطلب تعديل العقد بل يجب أن يشمل أثره عددا كبيرا من الناس كأهل بلد، أو إقليم معين، أو طائفة معينة منهم كالزراع في جهة من الجهات، أو منتجي سلعة بذاتها، أو المتجرين بها.

أما إذا كان الحادث الاستثنائي خاصا بالمدين وحده، فلا تطبق عليه النظرية، وعلى ذلك لا يجوز للمدين أن يتذرع بمرض أصابه، أو بموت ولد له كان يعاونه في تنفيذ التزاماته، أو بحريق أمواله، أو اضطراب أحواله، كما لا يجوز للمستأجر أن يتذرع بإصابة محصوله بالدود البالغ حدا غير مألوف إذا اقتصر على محصوله، ولم يتعداه إلى غيره بشكل تتوافر فيه صفة العموم، لأن هذه الحوادث وأمثالها خاصة بالمدين وليست عامة([66]).

وقد أخذت غالبية التقنينات العربية بشرط العمومية، وقد تابعهم بعض فقهاء القانون في الأخذ بهذا الشرط، واستبعاد الظروف الخاصة بالمدين من جانب تطبيق النظرية، ضمانا لعدم الغـش من جانبـه

بإدعائه خلاف الواقع([67]).

وقد أخذ بهذا الشرط أيضا كل من الدكتور وهبة الزحيلي([68])، والدكتور محمد سعود المعيني([69])، وقد بالغ الدكتور وهبة الزحيلي حينما اعتبر: هذا الشرط يؤكد أن أساس هذه النظرية هي العدالة.

ولم تأخذ الشريعة الإسلامية بشرط العمومية-إلا في بعض المسائل كالجوائح عند المالكية والحنابلة([70])، حيث اشترطوا أن تكون الجائحة عامة كالجراد، والمطر، والبرد، والطير الغالب، تحقيقا للعدالة بيت المتعاقدين- بل يستوي في الحادث الاستثنائي أن يكون عاما أم خاصا لاحقا بشخص، أي من المتعاقدين، فجميع النظريات الفقهية المتعلقة بالأعذار، أو الجوائح، أو نظرية تغير القيمة لا تأخذ به، وتكتفي في ذلك بأن يكون الحادث فرديا لا يتعدى أثره حدود الالتزام الذي يتحمل المتعاقد وحده([71]).

فالمرض الذي يصيب المدين، أو الموت يعتبر عذرا يجيز الفسخ، فلو مات من استأجر دابة ليسافر عليها، وكان الموت قد فاجأه في جزء من الطريق، لتعين عليه وفاء الأجر بقدر ما سافر ويبطل بحساب ما يبقي، ومن استأجر حانوتا فأفلس بحيث لم يعد في إمكانه مزاولة نشاطه التجاري فتخلى عنه، أو يكون قد فشل فشلا ظاهرا في الحرفة التي يقوم بها فيتجه قصده إلى الانتقال منها إلى حرفة أخرى، كأن ينتقل من حرفة الزراعة إلى حرفة التجارة، فهذه أعذار تلحق المستأجر لوحده، ولو أبقينا العقد مع وجود الأعذار، فإن ذلك معناه إبقاء للعقد من غير استيفاء المنفعة، وفي ذلك إضرار بالمستأجر على نحو لم يلتزمه بالعقد، فكان للمستأجر الحق في فسخ العقد بسبب العذر وذلك دفعا لما قد ينزل به من ضرر([72]).

ولقد تابع القانون المدني الإيطالي والبولوني واليوناني والإنجليزي والأمريكي الشريعة الإسلامية في عدم الأخذ بشرط العمومية واكتفى لإعمال النظرية أن يكون الحادث استثنائيا فقط([73]). وبه قال بعض فقهاء القانون، حيث انتقدوا اشتراط العموم في الحادث الاستثنائي، ودعوا إلى إطلاق اللفظ في القانون ليشمل الحادث الخاص والعام على حد سواء([74])، لأن الغاية التي شرعت من أجلها النظرية هي تحقيق مبدأ العدالة الذي يقضي برفع الإرهاق عن المدين، فتقييد الحادث الاستثنائي بشرط العموم يمتنع معه تحقيق العدالة في حالات كثيرة، قد لا يكون الحادث الاستثنائي فيها عاما، لأن حاجة المدين في رفع الإرهاق عنه بسبب الحادث الاستثنائي العام، هو عين حاجته في الحادث الخاص، وبالتالي فإذا كان تطبيق النظرية في الحالة الأولى مما تقتضيه العدالة، لزم تطبيقها في الحالة الثانية أيضا ضرورة، لأن العدالة لا تتجزأ وليس ثمة حالة منها أولى من الأخرى، وبهذا يتبين خطأ أخذ الدكتور وهبة الزحيلي والدكتور محمد المعيني بشرط العمومية دون اعتبار الحادث الخاص.

ثم إن شرط العمومية يجافي المنطق من حيث إن القوة القاهرة قد تكون أمرا عاما، وقد تكون حادثا فرديا خاصا بالمدين، مع أنها أشد وطأة من الحادث الطارئ، فهي تجعل تنفيذ الالتزام مستحيلا، وهذه الاستحالة تؤدي إلى انقضاء الالتزام. أما الحادث الاستثنائي فيجعل تنفيذ الالتزام مرهقا، ويقتصر أثره على رد الالتزام إلى الحد المعقول، فليس من المنطق أن يشترط في الحادث الطارئ وهو أقل خطورة ما لا يشترط في القوة القاهرة وهو العمومية([75]).

ثم إن القوانين العربية والتي اشترطت العموم تجاوزت هذا الشرط في بعض الحالات فطبقت النظرية في حالات يكون فيها الحادث الاستثنائي خاصا بالمدين. من ذلك ما نصت عليه المادة (246/2) من القانون المدني المصري: (يجوز للقاضي في حالات استثنائية، إذا لم يمنعه نص في القانون، أن ينظر المدين إلى أجل معقول أو آجال ينفذ فيها التزامه، إذا استدعت حالته ذلك، ولم يلحق الدائن من هذا التأجيل ضرر جسيم)([76]).

ونصت المادة (608) على أنه: (إذا كان الإيجار معين المدة، جاز لكل من المتعاقدين أن يطلب إنهاء العقد قبل انقضاء مدته إذا جدت ظروف خطيرة غير متوقعة من شأنها أن تجعل تنفيذ الإيجار من مبدأ الأمر أو في أثناء سريانه مرهقا...)([77]).

ونصت المادة (609) على أنه: (يجوز للموظف أو المستخدم إذا اقتضى عمله أن يغير إقامته أن يطلب إنهاء إيجار مسكنه، إذا كان هذا الإيجار معين المدة...)([78]).

ونصت المادة (601) على أنه: (إذا مات المستأجر جاز لورثته أن يطلبوا إنهاء العقد، إذا أثبتوا أنه بسبب مورثهم أصبحث أعباء العقد أثقل من أن تتحملها مواردهم، أو أصبح الإيجار مجاوزاً حدود حاجتهم...)([79]).

الشرط الثالث: أن يكون الحادث غير متوقع ولا يمكن دفعه:

يشترط أيضا لتطبيق النظرية أن يكون الحادث، أو العذر، أو الظرف غير متوقع، أي أن يكون المتعاقد المدين لم يتوقعه وليس في وسعه توقعه وقت إبرام العقد وقبل تنفيذه، أو في أثناء التنفيذ([80]). كمن استأجر دارا ثم تهدمت هذه الدار كلا أو جزءا، أو استأجر دابة ليسافر على ظهرها، فمرضت هذه الدابة، أو نفقت، أو استأجر سيارة فسرقت، أو استأجر أرضا ليزرعها فأغرقها السيل، أو انحسر عنها الماء الذي تعتمد عليه وحده في سقيها([81]).

فإذا كان المتعاقد قد توقع الحادث، أو العذر، أو الظرف، أو كان في وسعه توقعه، فليس له أن يطالب بتطبيق النظرية، كمن يتعاقد على توريد سلعة مستوردة من الخارج مع قيام نذر حرب تهدد بقطع المواصلات وارتفاع أسعار السلع المستوردة، أو فرض القيود عليها، فهذا لا يستطيع أن يطلب تعديل التزاماته إذا صارت مرهقة بقيام الحرب، إلا إذا كان قد اشترط ذلك لأن هذه الحرب كانت متوقعة عند إبرام العقد([82]).

غير أن توقع الحادث أو عـدم توقعه من الأمور النسبية التي تختلف باختلاف الأشخاص والمهنة والمناطق، مما يثير صعوبة في تحديد المعيار الذي يمكن استخدامه في قياس هذا التوقع. والمعيار المتفق عليه في القانون هو المعيار الموضوعي، ووفقا لهذا المعيار تحدد درجة التوقع، لا بالنظر إلى الظروف الخاصة بالمتعاقد، وإنما بالنظر إلى الظروف والأحوال الموضوعية التي أحاطت بالعملية العقدية. فإن كان يمكن للرجل المعتاد توقعه وقت التعاقد كالارتفاع أو الانخفاض المألوفين في الأسعار فلا يعد ظرفا طارئا، لأنه يعد من الاحتمالات المألوفة التي يتوقعها التعاقد وعليه تحمل خطرها. أما إذا لم يمكن للرجل المعتاد أن يتوقعه لو وجد في مثل ظروف المدين الموضوعية وقت إبرام العقد، مثل الحرب، أو الزلزال، أو غارة جراد، أو انتشار وباء، أو فيضان نهر بصورة شاذة نادرة، فهو حادث طارئ، لأنه من الاحتمالات غير المألوفة التي تباغت المتعاقد ولا تكون في حسبانه وليس في وسعه توقعها وقت إبرام العقد([83]). وهذا ما قضت به محكمة النقض المصرية في حكمها الصادر في 11 نوفمبر سنة 1969م([84]).

وهذا الشرط يغنى عن الشرط الأول، وهو كون الحادث أو الظرف استثنائيا، ذلك أن الحادث غير المتوقع لا يمكن أن يكون حادثا مألوفا، أي لابد أن يكون استثنائيا، فيثبت بذلك أن شرط عدم إمكان التوقع يغنى عن شرط كون الحادث استثنائيا([85]).

ويتفرع عن أن الحادث لا يمكن توقعه، أن يكون أيضا مما لا يستطاع دفعه أو التحرز منه غالبا وتحاشيه، فإذا كان في وسع المدين دفعه أو التحرز منه، ولكنه قصر في ذلك فإنه يتحمل وحده تقصيره ولا يستفيد من أحكام النظرية، لأن المدين ملزم بتفادي الحوادث التي تعجزه عن الوفاء أو ترهقه، مادام ذلك في وسعه ولو لم تكن من الحوادث المتوقعة أو الممكن توقعها([86]).

والذي يدل على هذا الشرط- أي شرط عدم إمكانية دفع الحادث، أو التحرز منه غالبا- في الفقه الإسلامي عبارات الفقهاء، من ذلك قول ابن يونس رحمه الله تعالى: (كل ما منع المكتري من السكنى من أمر غالب لا يستطيع دفعه من سلطان أو غاصب، فهو بمنزلة ما لو منعه أمر من الله، كانهدام الدار، أو امتناع ماء السماء حتى منعه حرث الأرض، فلا كراء عليه في ذلك كله)([87]).

وجاء فى المدونة: (أن الجراد جائحة عند مالك وكذلك النار، والبرد، والمطر، والطير الغالب)([88]).

فلا جدال أن الجراد والنار والمطر كانت من الأمور التي لا يمكن دفعها بوسائل الإنسان القديم، ولهذا لم تجئ كلمة الطير وحدها، وإنما جاءت موصوفة ومقترنة بكلمة (غالب) على حين ذكرت كلمة الجراد خالية من أي وصف أو قيد، فمع أن الطير يأتي أسرابا مثلما يفعل الجراد، فعبارة (الطير الغالب) إذن عبارة قصدت لذاتها للتعبير عن شرط عدم الدفع، فهي بمعنى آخر تشير إلى أسراب الطير الكثيفة التي يعجز الإنسان عن دفعها بكل الوسائل المتاحة، أما أسراب الطير التي ليس لها هذا الوصف فهي مما يمكن التغلب عليها ببذل جهد معقول، وبالتالي لا تعتبر من الجوائح([89]).

ولا يشترط في العذر الطارئ أن يكون غير متوقع عند التعاقد، فقد يكون العذر غير متوقع، كمن استأجر حانوتا فأفلس بحيث لم يعد في إمكانه مزاولة نشاطه التجاري فتخلى عنه، وقد يكون متوقعا عند التعاقد، كبلوغ الصبي المستأجر الذي آجره أبوه، أو جده، أو القاضي، أو أمينه، فبلغ في المدة، فإن شاء أمضى الإجازة، وإن شاء فسخ، وكعدول أحد المتعاقدين عن تنفيذ ما تعاقد عليه إذا بدا له أن المصلحة التي كان يؤملها منه أقل من الضرر الذي يلحقه من جراء تنفيذ العقد. وقد يكون العذر مما يمكن دفعه كمن انتقل من الحرفة إلى الزراعة، أو من الزراعة إلى التجارة، أو من حرفة إلى حرفة أخرى، أو انتقل إلى بلد آخر([90]) أما في القانون، فقد دارت في لجنة القانون المدني المصري مناقشة حول هذا الشرط وضرب عليه مثل من انتشار دودة القطن، وخصوصا في منطقة الدلتا وما ينشأ عنه من خطر، فلم يعتبر حادثا استثنائيا عاما، لأنه خطر مصدره الإهمال في مكافحة الدودة التي أصبح من المستطاع التغلب عليها، فضلا على أنه أضحى متوقعا في مصر وبخاصة في تلك المنطقة، أما إذا بلغ انتشار الدودة حدا لا يمكن التغلب عليه، فيعتبر حادثا استثنائيا ولو كان متوقعا)([91]).

وعلى هذا الأساس جرى حكم القضاء في تحديد الحادث الاستثنائي، من حيث عدم توقعه وعدم إمكان دفعه أو تحاشيه، فاعتبر من الحوادث الاستثنائية التي لا يمكن توقعها ولا دفعها، الزلزال والأعاصير والجليد الشاذ، أو الحرارة الشاذة والفيضانات ونقصان المحصول بسبب الجفاف وإعلان الحرب، ولم يعتبر من الحوادث الاستثنائية تقلب الأسعار في زمن الحرب، فليس لمن تعاقد بعد نشوب الحرب، أن يحتج بارتفاع الأسعار ويعتبرها ظرفا طارئا، لأن التعاقد وقت الحرب يجعل صعوبات التنفيذ متوقعة، أما إذا حدث ارتفاع غير مألوف ومفاجئ في الأسعار من جراء تغيير الظروف الاقتصادية التي كانت قائمة وقت العقد، وبصورة تهدد بخسارة خارجة فيعتبر ذلك من قبيل الظروف الاستثنائية غير المتوقعة([92]).

القسم الثاني: من حيث نتيجة الحادث الاستثنائي غير المتوقع:

والمراد هنا أن يكون الحادث، أو الظرف، أو العذر مؤثرا على العقد، بحيث يجعل تنفيذ الالتزام مرهقا للمدين يهدده بخسارة فادحة، تقتضي تدخل القاضي لرد الالتزام المرهق إلى حد المعقول. أي يؤدي الحادث إلى ضرر زائد، أو فاحش غير معتاد ملازم حدوثه لتنفيذ موجب العقد، بمعنى أن هذا الضرر ناتج عن هذا الظرف، أو الحادث، أو العذر، وليس من ذات الالتزام العقدي بحيث أن المضي في تنفيذ هذا الالتزام يؤدي إلى الضرر الزائد غير المستحق بالعقد([93]) والضرر في الفقه الإسلامي ليس ضررا اقتصاديا فحسب، بل قد يكون في حالات أخرى ضررا غير اقتصادي، وفي هذا يقول ابن عابدين رحمه الله تعالى: (كل عذر لا يمكن معه استيفاء المعقود عليه إلا بضرر يلحقه في نفسه أو ماله يثبت له حق الفسخ، فالحاجة تدعو إلى الفسخ عند العذر، لأنه لو لزم العقد عند تحقق العذر للزم صاحب العذر ضرر لم يلتزمه بالعقد فكان الفسخ في الحقيقة امتناعا من التزام الضرر)([94]).

فقد يكون الضرر ماديا اقتصاديا يخل بالتوازن بين التزامات الطرفين العقدية، كما في نظرية الجوائح، أو يكون معنويا يمس الاعتبار الإنساني كما لو قامت امرأة بتأجير نفسها ظئرا، أي مرضعة بمقابل، وكان ذلك مما يخدش سمعة عائلتها أو يجرح كبرياءها كان لأهلها أن يفسخوا عقد الإجارة بسبب هذا العذر. أو يكون شرعيا يمنع الشارع نفسه من تنفيذ العقد لطروء هذا الحادث أو المانع الشرعي، وذلك كمن يستأجر رجلا ليقلع له ضرسا فسكن الألم، أو ليقتص له فعفا عن القصاص، وكمن يستأجر امرأة لتنظيف المسجد فيداهمها الحيض، أو لترضع طفلا صغيرا فتمرض أو تصبح حبلى. ففي جميع هذه الصور يحرم على المتعاقدين الاتفاق على تنفيذ العقد رغم تحقق الظرف الطارئ، لأن مثل هذا الاتفاق يكون على إتيان فعل محظور شرعا([95]).

ومعيار الإرهاق أو الضرر في نظرية العذر هو معيار موضوعي، وشخصي، موضوعي إذا وقع العذر الطارئ على محل الالتزام يخل بالانتفاع به، كالدار المستأجرة إذا تهدمت كليا أو جزئيا، وكالدابة المستأجرة إذا هلكت أو أصيبت بالعرج أو تقرح ظهرها، وكالأرض الزراعية المستأجرة إذا أغرقتها مياه الفيضان، أو غطتها الرياح بطبقة من الرمال، وكالظئر المستأجرة إذا لم يأخذ الصبي من لبنها، أو مرضت، أو أراد أهل الصبي السفر فامتنعت، وشخصي ينظر فيه إلى شخص المتعاقد نفسه، لمعرفة مدى ما أصابه شخصيا من الضرر الشرعي أو الحسي، فرجوع المستأجر مثلا عن العقد يعد عذرا إذا قام على سبب يقدره تقديرا شخصيا، بحيث لو أجبر على تنفيذه رغم عزوفه عنه لكان في ذلك إتلاف شيء من بدنه أو ماله، فإن استأجر مثلا طبيبا ليخلع له ضرسا موجعا أو ليبتر له ذراعا بسبب مرض كان يعرف قديما باسم (الآكلة) أو بسبب مرض آخر، أو استأجر طباخا ليعد له وليمة بمناسبة زواج فماتت العروس، فإذا سكن الألم أو برئت الذراع مما أصابها من المرض، أو انتفت مناسبة الزواج لأي سبب من الأسباب فللمستأجر في جميع هذه الحالات فسخ العقد([96]). وليس للطرف الآخر أن يجبره على خلع الضرس أو بتر العضو أو إقامة الوليمة، لأن في ذلك إتلافا لشيء من بدنه أو ماله، فجواز الفسخ للمستأجر إنما لأنه هو الذي يقدر ما في عدوله عن العقد من مصلحة له ودفع للضرر عنه.

أما معيار درجة الإرهاق أو الضرر في نظريتي الجوائح وتغير القيمة، فيعد معيارا موضوعيا بل إن نظرية الجوائح تضع معيارا حسابيا جامدا، وهو أن يكون التلف الذي تسببه الجائحة الثلث أو أكثر([97]).

ولا يشترط في الحادث الاستثنائي غير المتوقع الذي يراد الاستناد إليه لتعديل العقد أن يترتب عليه جعل التزامات المدين مستحيلة استحالة تامة، لأن تحقق هذه الاستحالة لا يشترط إلا في القوة القاهرة التي ينقضي بها الالتزام وينفسخ العقد، وإنما يكفي أن يترتب على الحادث الاستثنائي جعل الوفاء مرهقا للمدين إرهاقا يهدده بخسارة فادحة، أي أنه إذا كان لا يشترط فيها أن يصير الوفاء مستحيلا، فإنه لا يكفى أن يصبح أكثر كلفة، بل يجب أن تبلغ هذه الكلفة حد الإرهاق الذي يصبح معه من الظلم إجبار المدين على الوفاء بما التزم به كاملا([98]). أما في الشريعة الإسلامية، فقد يكون الحادث مستحيلا وتنطبق عليه النظرية في بعض الحالات([99]).

وهنا نرى الفرق بين الحادث الطارئ والقوة القاهرة، فهما وإن كانا يشتركان في أن كلا منهما لا يمكن توقعه ولا يستطاع دفعه، إلا أنهما يختلفان في أن القوة القاهرة تجعل تنفيذ الالتزام مستحيلا، أما الحادث الطارئ فيجعل التنفيذ مرهقا فقط، ويترتب على هذا الفرق فرق في الأثر، إذ القوة القاهرة تجعل الالتزام ينقضي فلا يتحمل تبعة عدم تنفيذه، أما الحادث الطارئ فلا يقضي الالتزام بل يرده إلى الحد المعقول فتتوزع الخسارة بين المدين والدائن ويتحمل المدين شيئا من تبعة الحادث([100]).

وعرفت التقنينات العربية الإرهاق بأنه: ما يهدد المدين بالخسارة الفادحة. غير أن تعبير (الخسارة الفادحة) جاء مطلقا، ومن ثمّ لابد من تحديد مقداره للتمييز بين الفادح من الخسارة والمألوف منها، وتحديد ذلك يعتمد على تحديد معيار الإرهاق، لمعرفة ما إذا كان يجب أن يتناول ذات المدين أو موضوع العقد.

تحديد معيار الإرهاق.

إن نص المادة (205) من القانون الأردني، والمادة (107) من القانون الجزائري، والمادة (147) من القانون المصري، وغيرها من نصوص التقنينات العربية، تدل على أن المشرع جعل العقد معيارا للإرهاق، حيث ورد النص على أنه (إذا طرأت حوادث استثنائية عامة، ولم يكن في الوسع توقعها، وترتب على حدوثها أن تنفيذ الالتزام التعاقدي، وإن لم يصبح مستحيلا، صار مرهقا للمدين بحيث يهدده بخسارة فادحة)([101]).

يتبين من هذا النص أن الإرهاق يختص بذات العقد لا بذات المتعاقد، وهذا ما قضت به محكمة النقض المصرية في حكمها الصادر في 10 مايو سنة 1962م، إذ جاء في قرارها أن: (تدخل القاضي لرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول- طبقا للمادة 147/2 من القانون المدني- رخصة من القانون، يجب لاستعمالها تحقق شروط معينة أهمها الإرهاق المهدد بخسارة فادحة، وتقدير ذلك منوط بالاعتبارات الموضوعية بالنسبة للصفقة ذاتها)([102]).

وقضت في حكم آخر صادر في 12 ديسمبر سنة 1968م، جاء فيه: (وتقدير مدى الإرهاق الذي أصاب المدين من جراء الحادث الطارئ هو مما يدخل في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ومناط هذا الإرهاق الاعتبارات الموضوعية بالنسبة للصفقة ذاتها، لا الظروف المتعلقة بشخص المدين)([103]).

مما تقدم يتبين أن معيار الخسارة والإرهاق يقدر تقديرا موضوعيا لا شخصيا، ويعول في تقدير الإرهاق على مدى اختلال التوازن الاقتصادي بين التزامات الطرفين. والتقدير يجب أن يكون بالنظر إلى المدين العادي أو المتوسط، فإذا كان من شأن الحادث الطارئ أن يصبح الالتزام مرهقا للمدين العادي بحيث يهدده بخسارة فادحة، اعتبر كذلك بالنسبة للمدين المطلوب منه التنفيذ، ولو كانت هذه الخسارة لا تعد شيئا بالنسبة لثروته الضخمة، أما إذا لم يكن التنفيذ مرهقا للمدين العادي فلا يعتبر مرهقا بالنسبة للمدين المطالب بالتنفيذ ولو كان هذا التنفيذ يعتبر شيئا كبيرا بالنسبة إلى ثروته الضئيلة([104]).

وهذا القول فيه نظر، بل الأولى أن يكون معيار الإرهاق موضوعيا وشخصيا ما أمكن إلى ذلك سبيلا، فلا ينظر إلى درجة إمكان المدين شخصيا تحمل الخسارة الناشئة من تغير الظروف فقط، بل ينظر إلى مدى الخسارة الناشئة عن ذلك ومجاوزتها قدر الخسارة المحتملة عادة في مثل هذه الصفقة المعقودة، لأنه ما يكون مرهقا لمدين قد لا يكون مرهقا لمدين آخر، وما يكون مرهقا لمدين في ظروف معينة قد لا يكون مرهقا لنفس المدين في ظروف أخرى.

وفي ذلك يقول السنهوري ما نصه: (وإرهاق المدين لا ينظر فيه إلا للصفقة التي أبرم في شأنها العقد، فلو أن المدين تهددته خسارة من جراء هذه الصفقة تبلغ أضعاف الخسارة المألوفة، كانت الخسارة فادحة حتى لو كانت لا تعد شيئا كبيرا بالنسبة إلى مجموع ثروته، نعم إن ثروة المدين تكون إلى حد معين محل اعتبار في تقدير الخسارة الفادحة، فمن كان فقيرا كانت خسارته فادحة ولو لم تبلغ أضعاف الخسارة المألوفة، ومن كان ثريا وجب أن تبلغ الخسارة الفادحة بالنسبة إليه أضعاف الخسارة المألوفة)([105]).

ويتحقق الإرهاق إذا كان الفرق كبيرا بين قيمة الالتزام المحددة في العقد، وقيمة العقد الفعلية عند التنفيذ، ولو كان المدين يملك من الوسائل ما يمكنه من تنفيذه دون عناء، فليس ينفي الإرهاق عن المدين أن يكون واسع الثراء، كما لو كان المدين مصرفا ماليا كبيرا أو دولة، فالحكومة نفسها لو كانت مدينة بالتزام، قد تتمسك بنظرية الظروف الطارئة إذا حدث ما يسبب لها خسارة فادحة في تنفيذ التزامها، ولو كانت هذه الخسارة شيئا لا يذكر بالنسبة لميزانية الحكومة في مجموعها، ولا أن يكون لديه- أي المدين- قدر من السلعة التي التزم بتوريدها يسمح له بالوفاء بالتزاماته بالرغم من الحادث الطارئ، كمن تعاقد على توريد سلعة معينة ثم ارتفع سعرها ارتفاعا فاحشا بسبب الحرب مثلا، ولكن المدين كان قد اشترى كميات كبيرة من هذه السلعة قبل الحرب، فرغم أن هذا المدين بالذات لن يخسر شيئا في هذه الصفقة، إلا أن شرط الإرهاق يتحقق مع ذلك من الناحية الموضوعية، لأن أي مدين آخر في مركزه كان سيصاب بخسارة كبيرة، وكون هذا المدين بالذات قد قام قبل الحرب بتخزين كميات كبيرة من هذه السلعة، لا يعدو أن يكون ظرفا خاصا لا يعتد به في تقدير الإرهاق([106]).

وقد أخذت بعض المحاكم الإيطالية بالمعيار الموضوعي، من ذلك ما قضت به محكمة استئناف تورينو بتاريخ 22 إبريل سنة 1947م، فقالت بأن: (المادة 1467 تقتضي تقديرا موضوعيا للتوازن بين الأداء ومقابل الأداء، بصرف النظر عن قدرة المدين الاقتصادية)([107]). وحكمت محكمة نابولي في حكمها الصادر بتاريخ 17 فبراير سنة 1947م بأن: (الإرهاق الفادح يجب مع ذلك أن يؤثر موضوعا في العقد، فلا يعتبر من قبيل الإرهاق الفادح سوء مركز أحد الطرفين الناشئ من ظروف شخصية بحتة)([108]).

مقدار الخسارة الــتي تؤدى إلى الإرهاق.

لم يحدد القانون المقدار الذي يجب أن تبلغه الخسارة، لتصبح فادحة خارجة عن المألوف وفضل تركه للقضاء يقدره تقديرا حسابيا حسب مقتضى الظروف.

ومع أن المشرع قد وضع للإرهاق معيارا ماديا حدده بنطاق العقد، إلا أنه لم يحدد معيارا ماديا للخسارة الفادحة التي تؤدي إلى الإرهاق، وآثر أن لا يحدد الخسارة بمقدار معين حتى يصبح حصولها مرهقا للمدين، واختار الأسلوب المرن في تقديرها، ليكون ذلك أدنى إلى بلوغ الغاية التي شرعت النظرية من أجلها.

ذلك أن الإرهاق الذي يصيب المدين من جراء الحادث الطارئ، معيار مرن ليس له مقدار ثابت، فهو يتغير بتغير الظروف والأحوال، وقد يتخلف بين ظرف وظرف وبين مدين ومدين، فما يكون مرهقا لمدين في ظروف معينة، قد لا يكون مرهقا له في ظروف أخرى، وما يكون مرهقا لمدين قد لا يكون مرهقا لمدين آخر([109]). فالخسارة إذن تتأثر بتبدل الظروف، كما تتأثر بمصلحة المدين، ولذلك وجب أن يقوم تحديدها على أساس مراعاة الظروف والأحوال التي أدت إليها، والموازنة بين مصلحة الطرفين المتأثرة بها.

وقد ذهبت محكمة كفر الشيخ المصرية في حكمها الصادر في 2 مارس سنة 1955م، بأن: (هبوط قيمة الفدان من مائة جنيه إلى سبعين جنيها لا يعتبر خسارة فادحة)([110]).

وقضت محكمة الإسكندرية الابتدائية في حكمها الصادر في 26 إبريل سنة 1955م، أن: (نقص السمك في البحيرة المستأجرة بمقدار الربح لا يتجاوز الخسارة المألوفة)([111]).

في حيـن قضـت محكمة استئناف القاهرة  في حكمها الصادر في 10 مايو سنة 1960م، أن: (هبوط قيمة المبيع إلى ما يقارب النصف، يعتبر خسارة فادحة، لأنه يزيد على ما يتغابن فيه الناس)([112]).

وما ذهبت إليه محكمة استئناف القاهرة في قرارها من تحديد الخسارة الفادحة بمعيار التغابن لا يقاس عليه، لأن نظرية الظروف الطارئة تشمل أنواعا مختلفة من العقود ولا تقتصر على نوع واحد منهما، والخسارة في كل التزام تتأثر بعوامل قد لا يتأثر بها التزام آخر، فقد تقل الخسارة عما يتغابن فيه الناس وقد تزيد عنه تبعا لظروف كل عقد ومصلحة المتعاقدين فيه.

ومادام المعيار المتخذ لتحديد الإرهاق هو معيار موضوعي يتعلق بموضوع العقد، فيكون المقصود بالخسارة الفادحة، هو كل ما يمس كيان العقد الاقتصادي ويزعزع أركانه، بحيث يصبح احترام العقد وتنفيذه ضربا من الجور لا يطاق احتماله. وهذا ما أخذ به القضاء الإداري في تحديد الخسارة الفادحة.

إلا أنه يشترط في الخسارة الفادحة، أن تكون نتيجة حتمية للطارئ الذي لا يمكن دفعه ولا تحاشيه، فإذا كانت من عمل المدين، أو نتيجة لخطئه، أو لسوء تصرفه، فلا يعتد بها في إرهاقه، ويمتنع عليه التمسك بنظرية الظروف الطارئة([113]).

وقد جاء في قرار لمحكمة النقض المصرية الصادر في 26 مارس سنة 1964م ما نصه: (كما لا يجوز إعمال حكم الظروف الطارئة على الأقساط التي تكون قد حلت قبل وقوع الحادث الطارئ، وقصر المدين في الوفاء بها، حتى وقع الحادث. ذلك أنه يشترط لتطبيق النظرية ألا يكون تراخي تنفيذ الالتزام إلى ما بعد وقوع الظرف الطارئ راجعا إلى خطأ المدين)([114]).

المبحث الثالث

الجزاء في نظرية الظروف الطارئة

يعد تأثر الالتزام العقدي بالحادث الطارئ هو المحور الذي ترتكز عليه نظرية الظروف الطارئة، فحدوث الظرف الطارئ يعطي للقاضي سلطة التدخل لتعديل العقد وفسخه، وذلك بقصد المقاربة بين ما قصده المتعاقدان من عقدهما، للتغيير الذي طرأ بعد إبرامه، من حيث ظهور ظروف طارئة مستجدة. فالإبقاء على العقد وعدم فسخه، أو عدم تعديل قيمة الالتزام التي أثر فيها الظرف الطارئ، بما يعيد التوازن، أصبح سببا مفضيا إلى ظلم أحد طرفيه، وانتفاع الآخر بما لا يحل، أو بالباطل، والشريعة لم تشرع العقود أساسا لتكون أسبابا مفضية لذلك، أو لإيقاع الناس في الظلم من جراء تنفيذها في ظرف طرأ فأثر على قيمة الالتزام تأثيرا بينا، فكان أثره ضررا لازما لتنفيذه، ولا ينفك عنه([115]).

والجزاء في نظرية الظروف الطارئة يكون برد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول، وقد يكون بفسخ العقد.

المطلب الأول: رد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول: للقاضي سلطة واسعة في هذا الشأن، فله أن يسلك أحد طرق ثلاثة:

وقف تنفيذ العقد: قد يرى القاضي وقف تنفيذ العقد حتى يزول الحادث الطارئ إذا كان الحادث وقتيا يقدر له الزوال في وقت قصير، كما إذا تعهد مقاول بإقامة بناء، وارتفعت أسعار بعض مواد البناء لحادث طارئ ارتفاعا فاحشا، ولكنه ارتفاع يوشك أن يزول لقرب فتح باب الاستيراد مثلا، فيوقف القاضي التزام المقاول بتسليم المبنى في الموعد المتفق عليه، حتى يتمكن المقاول من القيام بالتزامه دون إرهاق، إذا لم يكن في وقف التنفيذ هنا ضرر جسيم يلحق صاحب المبنى([116]).

وما ذهب إليه القانون يوافق ما ذهب إليه الفقه الإسلامي، فإنه يجيز للقاضي تعديل العقد إذا كان في ذلك مصلحة للمتعاقدين، أو لأحدهما بشرط أن لا يتضرر المتعاقد الآخر.

قال ابن قدامة رحمه الله تعالى: "ولو استأجر دابة ليركبها، أو يحمل عليها إلى مكان معين، فانقطعت الطريق إليه لخوف حادث، أو اكتري إلى مكة، فلم يحج الناس ذلك العام من تلك الطريق، فلكل واحد منهما فسخ الإجارة، وإن أحب إبقاءها إلى حين إمكان استيفاء المنفعة جاز"([117]).

وهذا ما قرره المجمع الفقهي الإسلامي، فقد جاء في القرار السابع ما نصه: (ويحق للقاضي أيضا أن يمهل الملتزم إذا وجد أن السبب الطارئ قابل للزوال في وقت قصير، ولا يتضرر الملتزم له كثيرا بهذا الإمهال)([118]).

زيادة الالتزام المقابل للالتزام المرهق: قد يرى القاضي زيادة الالتزام المقابل ليقلل خسارة المدين، فإذا تعهد تاجر مثلا بتوريد كمية من القمح بسعر ألف دينارا للطن، ثم ارتفع السعر إلى ثلاثة آلاف دينار نتيجة للحادث الطارئ، فإن القاضي يرفع السعر الوارد في العقد، ولكنه لا يرفعه إلى ثلاثة آلاف وإلا يكون قد حمل الدائن كل ما ترتب على الحادث الطارئ، الارتفاع الفاحش للأسعار مع الارتفاع المألوف، والأصل أن الارتفاع المألوف للأسعار يتحمله المدين، كما يتحمل الدائن انخفاض الأسعار المألوف. فإذا فرضنا أن الارتفاع المألوف في سعر القمح خمسمائة دينار، فإن هذه يتحملها المدين لوحده، وما زاد على ذلك- ويبلغ ألف وخمسمائة دينار- هو ارتفاع غير مألوف يقسمها القاضي مناصفة بين المتعاقدين، حتى يتحمل كل منهما نصيبه في الخسارة غير المتوقعة، فيصيب الدائن منها 650 تضاف إلى الثمن المتفق عليه وهو ألف بالإضافة إلى الزيادة المألوفة للأسعار (500)، ومن ثم يرفع القاضي الثمن إلى 2250 دينار، ولكن القاضي لا يفرض على الدائن أن يشتري بهذا السعر، وإنما يخيره بين أن يشتري به، أو أن يفسخ العقد. فإذا اختار الفسخ كان هذا أصلح للمدين، إذ يرتفع عن عاتقه كل أثر للحادث الطارئ([119]).

وما ذهب إليه القانون يوافق ما ذهب إليه ابن عابدين رحمه الله في تغير قيمة النقود من وجوب التصالح بين المتعاقدين لتوزيع العبء الطارئ بينهما، ومن خلاله يتقاسم كل من البائع والمشتري، أو المقرض والمقترض الضرر الناشئ عن تغير قيمة النقود. حيث قال: (أما إذا صار ما كان قيمته مائة من نوع يساوي تسعين، ومن نوع آخر خمسة وتسعين، ومن آخر ثمانية وتسعين، فإن ألزمنا البائع بأخذ ما يساوي التسعين بالمئة فقد اختص الضرر به، وإن ألزمنا المشتري بدفعه بتسعين اختص الضرر به، فينبغي وقوع الصلح على الأوسط)([120]).

ويوافق ما قرره المجمع الفقهي الإسلامي في قراره السابع الذي جاء فيه: (في العقود المتراخية التنفيذ (كعقود التوريد، والتعهدات، والمقاولات) إذا تبدلت الظروف التي تم فيها التعاقد تبدلا غير الأوضاع والتكاليف والأسعار، تغييرا كبيرا، بأسباب طارئة عامة لم تكن متوقعة حين التعاقد، فأصبح بها تنفيذ الالتزام العقدي يلحق بالملتزم خسائر جسيمة، غير معتادة من تقلبات الأسعار في طرق التجارة، ولم يكن ذلك نتيجة تقصير، أو إهمال من الملتزم في تنفيذ التزامه، فإنه يحق للقاضي في هذه الحال عند التنازع، وبناء على الطلب تعديل الحقوق، والالتزامات العقدية، بصورة توزع القدر المتجاوز للمتعاقد من الخسارة على الطرفين المتعاقدين)([121]).

إنقاص الالتزام المرهق: كما إذا تعهد شخص بتوريد سلعة معينة، ثم يقل المعروض في السوق من هذه السلعة نتيجة لحادث طارئ كحرب منعت استيراد السلعة، فيصبح من العسير على الشخص أن يورد جميع الكميات المتفق عليها، فعندئذٍ يجوز للقاضي أن ينقص الكمية التي يلتزم المدين بتوريدها، بالمقدار الذي يراه كافيا لرد التزام المدين إلى الحد المعقول([122]).

وما ذهب إليه القانون يوافق ما ذهب إليه الفقه الإسلامي من جواز إنقاص الالتزام بسبب الحادث الطارئ في العذر الطارئ عند الحنفية، والجوائح عند المالكية والحنابلة، حيث يوضع عن المشترى من الثمن بمقدار ما أصاب ثماره المشتراة من جائحة بالثلث، أو دونه على خلاف في ذلك عند المالكية والحنابلة([123]).

جاء في الفتاوى الهندية: أن المرض الذي يصيب المستأجر يعد عذرا، وموت المستأجر، كمرضه يعتبر عذرا يجيز الفسخ، فلو مات من استأجر دابة ليسافر عليها وكان الموت قد فاجأه في جزء من الطريق، إذا لتعين عليه وفاء الأجير بقدر ما سافر، ويبطل بحساب من يبقى([124]).

قال الحطاب رحمه الله تعالى: "سئل ابن أبي زيد إذا أصاب الأجير في البناء مطر في بعض اليوم منعه من البناء في بعض اليوم، قال: فله بحساب ما مضى ويفسخ في بقية اليوم"([125]).

وقال ابن تيمية رحمه الله تعالى: "إذا استأجر ما تكون منفعة إيجاره للناس، مثل الحمام، والفندق، والقيسرية، ونحو ذلك. فنقصت المنفعة المعروفة، مثل أن ينتقل جيران المكان، ويقل الزبون لخوف، أو خراب، أو تحويل ذي سلطان لهم، ونحو ذلك فإنه يحط عن المستأجر من الأجرة بقدر ما نقص من المنفعة المعروفة"([126]).

المطلب الثاني: فسخ العقد: لا يجوز للقاضي في القانون الوضعي فسخ العقد، ذلك أن النص لا يجعل له إلا أن يرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول. فالالتزام المرهق يبقى ولا ينقضي، ولكن يرد إلى الحد المعقول، فتتوزع بذلك تبعة الحادث الطارئ بين المدين والدائن، ولا يتحملها الدائن وحده بفسخ العقد بناء على طلب المدين([127]).

وخالف القانون البولوني واليوناني فأجازا للقاضي فسخ العقد كله، أو الجزء الذي لم ينفذ، فقد جاء في القانون البولوني: (جاز للمحكمة، إذا رأت ضرورة لذلك، تطبيقا لمبادئ حسن النية، وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين، أن تعين طريقة تنفيذ الالتزام، أو أن تحدد مقداره، وبل وأن تقضى بفسخ العقد)([128]).

وجاء في القانون اليوناني ما نصه: (فيجوز للمحكمة بناء على طلب المدين، أن ترد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول، ولها أن تقضى بفسخ العقد كله، أو الجزء الذي لم ينفذ منه، فإذا قضت المحكمة بالفسخ انقضت التزامات الطرفين، وعلى كل منهما أن يعيد إلى الآخر ما أداه إليه وفقا للأحكام المتعلقة بالإثراء بلا سبب)([129]).

وما ذهب إليه القانون البولوني واليوناني يوافق ما ذهب إليه الفقه الإسلامي في العذر الطارئ في فسخ عقود الإجارة، والمزارعة، والمعاملة عند الحنفية، وفي فسخ عقد الإجارة بالطوارئ عند المالكية، وبالعذر عند الحنابلة في الحالات التي يأخذون فيها بالعذر، لمحاربة الضرر ومنع وقوعه مطلقا، لأن كل عذر لا يمكن معه استيفاء المعقود عليه إلا بضرر يلحقه في نفسه، أو ماله، يثبت له الحق الفسخ، فالحاجة تدعو إلى الفسخ عند العذر، لأنه لو لزم العقد عند تحقق العذر للزم صاحب العذر ضرر لم يلتزمه بالعقد، فكان الفسخ في الحقيقة امتناعا من التزام الضرر.

وأجاز القانون الإيطالي بفسخ العقد لمصلحة المدين المرهق، ولكن يجعل للمتعاقد الآخر الحق في أن يدرأ طلب الفسخ بأن يعرض تعديلا لشروط العقد بما يتفق مع العدالة، فقد جاء في نص القانون: (في العقود ذات التنفيذ المستمر، أو التنفيذ الدوري، أو التنفيذ المؤجل، إذا أصبح التزام أحد المتعاقدين مرهقا على أثر ظروف استثنائية، جاز للمتعاقد المدين بهذا الالتزام أن يطلب فسخ العقد، وللمتعاقد الآخر أن يدرأ طلب الفسخ بأن يعرض تعديلا لشروط العقد بما يتفق مع العدالة)([130]).

وما أخذ به القانون الإيطالي يتفق مع أحكام العذر في فسخ عقود الإجارة، كما لو استأجر دابة فمرضت، أو بيتا فانهدم بعض حجرات البيت، أو استأجر أرضا زراعية فانقطع عنها الماء الذي يديرها، ففي هذه الحالات يثبت للمستأجر الحق في فسخ العقد بالعذر، فإذا زال سبب الفسخ، فإن الحق في خيار الفسخ يسقط تبعا لذلك، فإن بنى المؤجر الحائط الذي انهار قبل أن يفسخ المستأجر العقد بالعذر لم يكن للأجير حق الفسخ لزوال العيب الموجب للفسخ، وكذا الحال إذا برئت الدابة مما أصابها، أو تدفق الماء بعد انقطاعه([131]).

قال الإمام الزيلعي رحمه الله تعالى: (تفسخ الإجارة بالعيب، لأن العقد يقتضي سلامة البدل عن العيب، فإذا لم يسلم فات رضاه فيفسخ كما في البيع، والمعقود عليه في هذا الباب المنافع، وهي تحدث ساعة فساعة، فما وجد من العيب يكون حادثا قبل القبض في حق ما بقى من المنافع فيوجب الخيار، كما إذا حدث العيب بالمبيع قبل القبض، ثم إذا استوفى المستأجر المنفعة مع العيب، فقد رضي بالعيب فيلزمه جميع البدل كما في البيع، فإن فعل المؤجر ما أزال به العيب فلا خيار للمستأجر، لأن الموجب للرد قد زال قبل الفسخ، والعقد يتجدد ساعة فساعة، فلم يوجد فيما يأتي بعده، فسقط خياره)([132]).

الخاتمة

الحمد لله خالق السموات والأرض، أحمده سبحانه وتعالى في جميع الحالات، وأصلي وأسلم على سيد الخلق سيدنا محمد وعلى آله وصحبه، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يختم لنا بالباقيات الصالحات.

هذا وبعد أن أتيت إلى نهاية بحثي هذا الذي مهما بذلت فيه من جهد، فلن ألم بجميع جوانبه نظرا لتشعبه، ولكن يكفي أنني وقفت من خلال بحثي هذا على نتائج تتلخص فيما يلي:

  1. أن الشريعة الإسلامية قد سبقت القوانين الوضعية العربية وغير العربية في نظرية الظروف الطارئة.
  2. أنه يشترط في تطبيق نظرية الظروف الطارئة أن يكون الالتزام ناشئا عن عقد متراخي التنفيذ عن وقت إبرامه، سواء أكان من العقود المستمرة التنفيذ، أم من العقود الفورية المؤجلة التنفيذ، وحتى العقود الفورية غير المؤجلة إذا طرأ حادث، أو عذر بعد إبرام العقد فورا وقبل تنفيذه.
  3. اختلف  شراح القانون المـدني في مدى تطبـيق نظرية الظروف الطارئة على العقود الفورية، وسبب الاختلاف هو عدم نص التقنينات العربية على العقود التي تشملها النظرية.
  4. أنه يشترط في العقد المتراخي التنفيذ أن يكون من العقود المحددة، ولهذا لا تنطبق النظرية على العقود الاحتمالية لقيامها على المخاطرة والغرر، غير أننا وجدنا بعض شراح القانون المدني يرون جواز تطبيق النظرية على العقود الاحتمالية.
  5. أنه لا يشترط أن يكون العقد ملزما للجانبين حتى تنطبق النظرية، بل تنطبق النظرية على العقود الملزمة لجانب واحد، لأن الحكمة التي شرعت من أجلها النظرية هي إزالة الإرهاق عن أحد المتعاقدين وتخفيف التزامه، وهذا كما ينطبق على العقود الملزمة للجانبين تنطبق على العقود الملزمة لجانب واحد.
  6. أنه لا يشترط في الظرف الطارئ أن يكون عاما، بل يستوي في الحادث الاستثنائي أن يكون عاما، أو خاصا لاحقا بشخص أي من المتعاقدين، وقد تابع القانون المدني الإيطالي والبولوني واليوناني الشريعة الإسلامية في عدم الأخذ بشرط العموم.
  7. أن الضرر أو الحادث في الفقه الإسلامي ليس ضررا اقتصاديا فقط، بل قد يكون ضررا غير اقتصادي، فقد يكون الضرر معنويا، وقد يكون شرعيا، ومعيار الإرهاق أو الضرر في نظرية العذر هو معيار شخصي، وفي نظرية الجوائح وتغير القيمة فهو معيار موضوعي.
  8. أن نظرية الظروف الطارئة تتشابه في كثير من وجوهها مع أحكام العذر والجوائح في الفقه الإسلامي.

وأخيرا أرجو من الله العلي القدير أن أكون قد وفقت في إظهار هذا البحث كما يجب، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

(*) منشور في "المجلة الأردنية في الدراسات الإسلامية"، المجلد الثالث، العدد (2)، 1428ه‍/ 2007م.

 

الهوامش:

 


([1]) عبد السلام الترمانيني، نظرية الظروف الطارئة، بيروت، دار الفكر، ص35-36، محمد رشيد قباني، نظرية الظروف الطارئة في الفقه الإسلامي والقانون الوضعي، مجلة المجمع الفقهي الإسلامي، المجمع الفقهي الإسلامي، السنة الأولى، العدد الثاني، 1980، ص85.

([2]) المصادر السابقة.

([3]) جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور(ت 711ﻫ/ 1316م)، لسان العرب، بيروت، دار صادر، ج13، ص185، أحمد بن فارس بن زكريا، (توفي 395ﻫ/ 1000م)، معجم مقاييس اللغة، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، بيروت، دار الفكر، ج1، ص482، مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي (ت 817ﻫ/ 1422م)، القاموس المحيط، بيروت، مؤسسة الرسالة، 1986، (ط1)، ص1550.

([4]) علي بن محمد بن علي السيد الزين الجرجاني الحنفي، (ت 816ﻫ/1421م)، التعريفات للجرجاني، تحقيق: عبد الرحمن عميرة، بيروت، عالم الكتب، 1987، (ط1)، ص124. د.وهبة الزحيلي، أصول الفقه الإسلامي، دمشق، دار الفكر، 1996، (ط1)، ج1، ص100. بدران بدران أبو العينين، أصول الفقه الإسلامي، الإسكندرية، مؤسسة شباب الجامعة، 1984، ص290.

([5]) ابن منظور، لسان العرب، ج7، ص329، أحمد بن محمد بن علي المقري الفيومي، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للرافعي، بيروت، دار القلم، ج1، ص421.

([6]) محفوظ بن أحمد بن الحسن الكلوذاني الحنبلي (ت 510ﻫ/1115م)، التمهيد في أصول الفقه، تحقيق: محمد بن علي بن إبراهيم، جدة، دار المدني، 1985، ج1، ص68. سليمان بن خلف الباجي الأندلسي (ت 474ﻫ/1079م)، كتاب الحدود في الأصول للباجي، تحقيق: نزيه حماد، بيروت، مؤسسة الزعبي، 1973، ص60.

([7]) عبد الكريم زيدان، الوجيز في أصول الفقه، القاهرة، دار التوزيع والنشر الإسلامية، 1993، (ط1)، ص59. محمد الزحيلي، علم أصول الفقه، دبي، دار القلم، 2004، (ط1)، ص148. بدران، أصول الفقه الإسلامي، ص290.

([8]) فتحي الدريني، النظريات الفقهية، دمشق، جامعة دمشق، ص143، 139. قباني، نظرية الظروف الطارئة، ص85. عبد الرزاق أحمد السنهوري، مصادر الحق في الفقه الإسلامي، بيروت، المجمع العلمي العربي الإسلامي، 1959، ص90.

([9]) محمد خالد منصور، تغير قيمة النقود وتأثر ذلك بنظرية الظروف الطارئة في الفقه الإسلامي المقارن، مجلة دراسات علوم الشريعة والقانون، الجامعة الأردنية، المجلد (1)، العدد1، 1998، ص153.

([10]) قباني، نظرية الظروف الطارئة، ص92. عبد الرزاق أحمد السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني، بيروت، دار إحياء التراث، ج1، ص631.

([11]) يوسف الثلب، الظروف الطارئة وأثرها على الالتزام العقدي في الفقه الإسلامي، مجلة كلية الدعوة الإسلامية، كلية الدعوة الإسلامية، العدد1، 1991، ص136. الدريني، النظريات الفقهية، ص153. سليمان مرقس، نظرية العقد، القاهرة، مطابع دار النشر للجامعات المصرية، 1956، ص333. حسين درويش عبد العال، النظرية العامة في العقود الإدارية، القاهرة، مكتبة الأنجلو المصرية، 1958، ج2، ص146. علي محمد عبد المولى، الظروف التي تطرأ أثناء تنفيذ العقد الإداري، القاهرة، شركة الطوبجي، ص10. الترمانيني، نظرية الظروف الطارئة، ص1.

([12]) الدريني، النظرية الفقهية، ص149. جلال على العدوي، أصول المعاملات، بيروت، المكتب الشرقي للنشر والتوزيع، ص291. السنهوري، الوسيط، ج1، ص642. محمد المعيني، النظرية العامة للضرورة في الفقه الإسلامي، بغداد، مطبعة العاني، 1990، ص156. وهبة الزحيلي، نظرية الضرورة الشرعية، بيروت، مؤسسة الرسالة، 1982، (ط3)، ص318. محمد الشيخ عمر، العقد والإرادة المنفردة المصادر الإرادية، بيروت، مطبعة داغر، 1972م، ص272. عبدالرزاق أحمد السنهوري، شرح القانون المدني، نظرية العقد، بيروت، دار إحيِاء التراث العربي، ص970.

([13]) عبد الحي حجازي، النظرية العامة للالتزام، القاهرة، مطبعة نهضة مصر، 1954، ج2، ص197. أحمد حسن البرعي، نظرية الالتزام في القانون المغربي، الدار البيضاء، دار الثقافة، 1981، (ط1)، ص221. عمر، العقد والإرادة المنفردة، ص276. أنور طلبة، الوسيط في القانون المدني، ج1، ص421. حسين عامر، القوة الملزمة للعقد، القاهرة، مطبعة مصر، 1949، (ط1)، ص83. عبد العال، النظرية العامة في العقود الإدارية، ج 2، ص151.

([14]) السنهوري، الوسيط، ج1، ص166. العدوي، أصول المعاملات، ص212. حجازي، النظرية العامة للالتزام، ج2، ص103. سمير عبد الستار تناغو، نظرية الالتزام، الإسكندرية، منشأة المعارف، ص25. أنور سلطان، مصادر الالتزام، عمان، منشورات الجامعة الأردنية، 1987، ص17. البرعي، نظرية الالتزام في القانون المغربي، ص47. السنهوري، نظرية العقد، ص142.

([15]) أبو بكر بن مسعود الكاساني الحنفي(ت 587ﻫ/ 1192م)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، بيروت، دار الكتاب العربي، 1974، ج4، ص197. عثمان بن علي الزيلعي، (ت 743ﻫ/1348م)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق، بولاق، المطبعة الأميرية، ج5، ص284. عبد الرحمن بن الشيخ محمد بن سليمان المدعو بشيخ زاده، (ت 1078ﻫ/ 1655م)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر، بيروت، دار إحياء التراث العربي، ج3، ص399.

([16]) سليمان بن خلف الباجي (ت 474ﻫ/ 1079م)، المنتقى شرح موطأ الإمام مالك، بيروت، دار الكتاب العربي، 1983، (ط3)، ج4، ص232. محمد بن أحمد بن رشد القرطبي (ت 595ﻫ/1200م)، بداية المجتهد ونهاية المقتصد، بيروت، دار المعرفة، 1978، ج2، ص156. موفق الدين عبد الله بن قدامة (ت 620ﻫ/ 1225م)، المغني على مختصر الخرقي، الرياض، مكتبة الرياض الحديثة، ج4، ص216. أحمد ابن عبد الحليم بن تيمية الحراني (ت728ﻫ/1333م)، مجموع الفتاوى، بيروت، مؤسسة الرسالة، (ط1)، ج20، ص282.

([17]) الدريني، النظريات الفقهية، ص149. المعيني، النظرية العامة للضرورة، ص156. الزحيلي، نظرية الضرورة الشرعية، ص318. وحي فاروق لقمان، الظروف الاستثنائية التي تطرأ على العقد بعد إبرامه، رسالة ماجستير، 1992، ص121. السنهوري، الوسيط، ج1، ص642. طلبة، الوسيط في القانون المدني، ج1، ص418. عمر، العقد والإرادة المنفردة، ص272.

([18]) السنهوري، الوسيط، ج1، ص165. سلطان، مصادر الالتزام، ص17. مرقس، نظرية العقد، ص81. تناغو، نظرية الالتزام، ص25. العدوي، أصول المعاملات، ج1، ص112. حجازي، النظرية العامة للالتزام، ج2، ص101.

([19]) العدوي، أصول المعاملات، ج1، ص291. مرقس، نظرية العقد، ص84. حجازي، النظرية العامة للالتزام، ج2، ص107.

([20]) الدريني، النظريات الفقهية، ص147، 150. السنهوري، الوسيط، ج1، ص642. السنهوري، مصادر الحق، ج6، ص23. تناغو، نظرية الالتزام، ص148.

([21]) الدريني، النظريات الفقهية، ص149. الزحيلي، نظرية الضرورة الشرعية، ص318. المعيني، النظرية العامة للضرورة، ص156. الثلب، الظروف الطارئة وأثرها على الالتزام العقدي في الفقه الإسلامي، ص154.

([22]) السنهوري، الوسيط، ج1، ص629. طلبة، الوسيط في القانون المدني، ج1، ص416. مرقس، نظرية العقد، ص338. حجازي، النظرية العامة للالتزام، ج2، ص191.

([23]) الترمانيني، نظرية الظروف الطارئة، ص110-112. طلبة، الوسيط في القانون المدني، ج1ص146. بولحية جميلة، نظرية الظروف الطارئة في القانون الجزائري، الجزائر، معهد الحقوق والعلوم الإدارية، جامعة الجزائر، 1983، ص94. سلطان، مصادر الالتزام، ص228.

([24]) السنهورى، الوسيط، ج1، ص641. سلطان، مصادر الالتزام، ص228. الترمانيني، نظرية الظروف الطارئة، ص33-34. مرقس، نظرية العقد، ص338. بولحية جميلة، نظرية الظروف الطارئة، ص102.

([25]) المصادر السابقة.

([26]) الترمانيني، نظرية الظروف الطارئة، ص123. مرقس، نظرية العقد، ص339.

([27]) الترمانيني، نظرية الظروف الطارئة، ص123. حجازي، النظرية العامة للالتزام، ج2، ص194. مرقس، نظرية العقود، ص340. بولحية جميلة، نظرية الظروف الطارئة، ص102.

([28]) السنهوري، الوسيط، ج1، ص642. الترمانيني، نظرية الظروف الطارئة، ص129-130. مرقس، نظرية العقد، ص339.

([29]) أي أن عقد المدة يتضمن جملة أداءات يعقب بعضها بعضا، ويعتبر كل منها محلا لعقد قائم بذاته، وبذلك يكون ثمة عقود متعاقبة بقدر الأداءات المعاقبة. انظر: حجازي، النظرية العامة للالتزام، ج2، ص194.

([30]) الترمانيني، نظرية الظروف الطارئة، ص133-134. حمدي عبد الرحمن، الوسيط في النظرية العامة للالتزامات، القاهرة، دار النهضة العربية، 1999، (ط1)، ج1، ص490.

([31]) بولحية جميلة، نظرية الظروف الطارئة في القانون المدني الجزائري، ص104.

([32]) الترمانيني، نظرية الظروف الطارئة، ص125. بولحية جميلة، نظرية الظروف الطارئة، ص104.

([33]) السنهوري، نظرية العقد، ص970. الترمانيني، نظرية الظروف الطارئة، ص19. بولحية جميلة، نظرية الظروف الطارئة، ص104. مرقس، نظرية العقد، ص336.

([34]) عمر، العقد والإرادة المنفردة، ص272. عامر، القوة الملزمة للعقد، ص78. الترمانيني، نظرية الظروف الطارئة، ص125. سوار، النظرية العامة للالتزام، ج1، ص339. حجازي، النظرية العامة للالتزام، ج2، ص194. تناغو، نظرية الالتزام، ص340. البرعي، نظرية الالتزام في القانون المغربي، ص221. سلطان، مصادر الالتزام، ص228. لوحي لقمان، الظروف الاستثنائية التي تطرأ على العقد بعد إبرامه، ص54. بولحية جميلة، نظرية الظروف الطارئة، ص105.

([35]) الترمانيني، نظرية الظروف الطارئة، ص128. بولحية جميلة، نظرية الظروف الطارئة، ص103.

([36]) المصادر السابقة.

([37]) الترمانيني، نظرية الظروف الطارئة، ص126-127.

([38]) المصادر السابق.

([39]) حجازي، النظرية العامة للالتزام، ج2، ص195. الترمانيني، نظرية الظروف الطارئة، ص27-28. بولحية جميلة، نظرية الظروف الطارئة في القانون المدني الجزائري، ص105.

([40]) حجازي، النظرية العامة للالتزام، ج2، ص195. الترمانيني، نظرية الظروف الطارئة، ص132، هامش رقم (1).

([41]) العدوي، أصول المعاملات، ج1، ص291. حجازي، النظرية العامة للالتزام، ج2، ص196-197. البرعى، نظرية الالتزام في القانون المغربي، ص221. تناغو، نظرية الالتزام، ص148. بولحية جميلة، نظرية الظروف الطارئة، ص109.

([42]) السنهوري، الوسيط، ج1، ص742. السنهوري، مصادر الحق، ج6، ص23. تناغو، نظرية الالتزام، ص148. بولحية جميلة، نظرية الظروف الطارئة، ص109.

([43]) راجع ص10.

([44]) حسبو الفزارى، أثر الظروف الطارئة على التزام العقد، الإسكندرية، مطبعة الجيزة، 1997، ص257. بولحية جميلة، نظرية الظروف الطارئة، ص110.

([45]) السنهوري، الوسيط، ج1، ص642.

([46]) الترمانيني، نظرية الظروف الطارئة، ص129-130.

([47]) انظر: المصدر السابق، ص130-131.

([48]) السنهوري، الوسيط، ج1، ص163. مرقس، نظرية العقد، ص80. حجازي، النظرية العامة للالتزام، ج2، ص100. تناغو، نظرية الالتزام، ص26. العدوي، أصول المعاملات، ج1، ص110. جميل الشرقاوي، النظرية العامة للالتزام، القاهرة، دار النهضة العربية، 1981، ص71.

([49]) المصادر السابقة.

([50]) البرعي، نظرية الالتزام في القانون المغربي، ص45. مرقس، نظرية العقد، ص340. العدوي، أصول المعاملات، ج1، ص110-111.

([51]) الزحيلي، نظرية الظروة الشرعية، ص318. المعيني، النظرية العامة للضرورة، ص156. السنهوري، مصادر الحق، ج6، ص24. مرقس، نظرية العقد، ص340. حجازي، النظرية العامة للالتزام، ج2، ص187. عمر، العقد والإرادة المنفردة، ص272. العدوي، أصول المعاملات، ج1، ص291. الترمانيني، نظرية الظروف الطارئة، ص120. لقمان، الظروف الاستثنائية التي تطرأ على العقد بعد إبرامه، ص123.

([52]) العدوي، أصول المعاملات، ج1، ص292. الترمانيني، نظرية الظروف الطارئة، ص122. بولحية جميلة، نظرية الظروف الطارئة، ص100.

([53]) انظر: بولحية جميلة، نظرية الظروف الطارئة، ص100، هامش (2).

([54]) الترمانيني، نظرية الظروف الطارئة، ص122. بولحية جميلة، نظرية الظروف الطارئة، ص101.

([55]) السنهوري، الوسيط، ج1، ص158. مرقس، نظرية العقد، ص71. حجازي، النظرية العامة للالتزام، ج2، ص87. تناغو، نظرية الالتزام، ص23. سلطان، مصادر الالتزام، ص15. العدوي، أصول المعاملات، ج1، ص103. البرعي، نظرية الالتزام في القانون المغربي، ص40.

([56]) المصادر السابقة.

([57]) عمر، العقد والإرادة المنفردة، ص277. بولحية جميلة، نظرية الظروف الطارئة، ص97.

([58]) السنهوري، الوسيط، ج1، ص641. الترمانيني، نظرية الظروف الطارئة، ص33-34. مرقس، نظرية العقد، ص338. بولحية جميلة، نظرية الظروف الطارئة، ص102.

([59]) المصادر السابقة.

([60]) حجـازي، النظرية العامة للالتزام، ج2، ص196.

     الثلب، الظروف الطارئة وأثرها على الالتزام العقدي، ص 155. بولحية جميلة، نظرية الظروف الطارئة، ص98. لقمان، الظروف الاستثنائية التي تطرأ على العقد بعد إبرامه، ص56.

([61]) الدريني، النظريات الفقهية، ص150. الزحيلي، نظرية الضرورة الشرعية، ص318. المعيني، النظرية العامة للضرورة، ص156. الثلب، الظروف لطارئة، السنهوري، الوسيط، ج1، ص643. السنهوري، مصادر الحق، ج6، ص24. البرعي، نظرية الالتزام، ص221. العدوي، أصول المعاملات، ج1، ص292. مرقس، نظرية العقد، ص341.

([62]) الدريني، النظريات الفقهية، ص150. الثلب، الظروف الطارئة، ص156. مرقس، نظرية العقد، ص341. لقمان، الظروف الاستثنائية، ص57.

([63]) سوار، النظرية العامة للالتزام، ج1، ص432.

([64]) انظر: الترمانيني، نظرية الظروف الطارئة، ص33، 110. مرقس، نظرية العقد، ص338. بولحية، جميلة نظرية الظروف الطارئة، ص94، 102. طلبة، الوسيط في القانون المدني، ج1، ص146.

([65]) السنهوري، الوسيط، ج1، ص643. السنهوري، مصادر الحق، ج6، ص24. سلطان، مصادر الالتزام، ص229. العدوي، أصول المعاملات، ج1، ص292. مرقس، نظرية العقد، ص341. عمر، العقد والإرادة المنفردة، ص273.

([66]) تناغو، نظرية الالتزام، ص148. الترمانيني، نظرية الظروف الطارئة، ص138. العدوي، أصول المعاملات، ج1، ص292. مرقس، نظرية العقد، ص341. عمر، العقد والإدارة المنفردة، ص273. البرعي، نظرية الالتزام، ص221.

([67]) المصادر السابقة.

([68]) الزحيلي، نظرية الضرورة الشرعية، ص318.

([69]) المعيني، النظرية العامة للضرورة، ص156.

([70]) ابن رشد، بداية المجتهد، ج2، ص192. ابن قدامة، المغني، ج4، ص216.

([71]) الدريني، النظريات الفقهية، ص150، 147. الثلب، الظـروف الطارئـة ، ص 157. لقمـان، الظـروف

     الاستثنائية التي تطرأ على العقد، ص124.

([72]) الكاساني، بدائع الصنائع، ج4، ص297. الشيخ نظام وجماعة من علماء الهند، الفتاوى الهندية في مذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان، بيروت، دار الفكر، 1991، ج4، ص445. محمد علاء الدين بن الشيخ علي الحصفكي، (ت 1088ﻫ/1693م، الدر المنتقى شرح الملتقى، بيروت، دار إحياء التراث العربي، ج2، ص401.

([73]) الفزارى، أثر الظروف الطارئة على الالتزام العقدي، ص309. السنهوري، الوسيط، ج1، ص643. سوار، النظرية العامة للالتزام، ج1، ص348. الترمانيني، نظرية الظروف الطارئة، ص138. بولحية جميلة، نظرية الظروف الطارئة، ص117. لقمان، الظروف الاستثنائية، ص57.

([74]) الفزاري، أثر الظروف الطارئة على الالتزام العقدي، ص309. الترمانيني، نظرية الظروف الطارئة، ص137- 138. بولحية جميلة، نظرية الظروف الطارئة، ص118.

([75]) المصادر السابقة.

([76]) السنهوري، الوسيط، ج1، ص650، هامش (2).

([77]) المصدر السابق، هامش (4).

([78]) المصدر السابق.

([79]) المصدر السابق.

([80]) الدريني، النظرية الفقهية، ص150. الزحيلي، نظرية الضرورة الشرعية، ص318. المعيني، النظرية العامة للضرورة، ص156. الثلت، الظروف الطارئة وأثرها على الالتزام العقدي، ص158. الترمانيني، نظرية الظروف الطارئة، ص139. لقمان، الظروف الاستثنائية التي تطرأ على العقد، ص123. عبد العال، النظرية العامة في العقود الإدارية، ج2، ص150-151. عامر، القوة الملزمة للعقد، ص82-83.

([81]) مالك بن أنس الأصبحي(ت 179ﻫ/784م)، المدونة الكبرى، رواية سحنون عن ابن قاسم، تحقيق: أحمد عبدالسلام، بيروت، دار الكتب العلمية، 1994، ج11، ص172. عبد الله بن الشيخ حسن الكوهجي، زاد المحتاج بشرح المنهاج، قطر، طبع على نفقة الشؤون الدينية، 1982، ج2، ص391. الثلب، الظروف الطارئة، ص149.

([82]) السنهوري، الوسيط، ج1، ص644. السنهوري، مصادر الحق، ج6، ص24. الشرقاوي، النظرية العامة للالتزام، ص327. مرقس، نظرية العقد، ص341. بولحية جميلة، نظرية الظروف الطارئة، ص119. سلطان، مصادر الالتزام، ص229.

([83]) طلبة، الوسيط في القانون المدني، ج1، ص418. العدوي، أصول المعاملات، ج1، ص293. سوار، النظرية العامة للالتزام، ج1، ص342. مرقس، نظرية العقد، ص341-342. الترمانيني، نظرية الظروف الطارئة، ص139. عبد العال، النظرية العامة في العقود الإدارية، ج2، ص150.

([84]) انظر: بولحية جميلة، نظرية الظروف الطارئة، ص120.

([85]) حجازي، النظرية العامة للالتزام، ج2، ص199. العدوي، أصول المعاملات، ج1، ص293.

([86]) الدريني، النظريات الفقهية، ص150. الثلب، الظروف الطارئة وأثرها على الالتزام العقدي، ص158. مرقس، نظرية العقد، ص342. عمر، العقد والإرادة المنفردة، ص273. سوار، النظرية العامة للالتزام، ج1، ص343. الترمانيني، نظرية الظروف الطارئة، ص140. لقمان، الظروف الاستثنائية، ص59.

([87]) زكريا الأنصاري، أسنى المطالب شرح روض الطالب، مصر، المكتبة الإسلامية، ج2، ص435.

([88]) مالك، المدونة الكبرى، ج12، ص37-38.

([89]) الثلب، الظروف الطارئة وأثرها على الالتزام العقدي في الفقه الإسلامي، ص159.

([90]) انظر:الكاساني، بدائع الصنائع، ج4، ص197. نظام، الفتاوى الهندية، ج4، ص458. الزيلعي، تبيين الحقائق، ج5، ص447.

([91]) السنهوري، الوسيط، ج1، ص644. السنهوري، مصادر الحق، ج6، ص24. الترمانيني، نظرية الظروف الطارئة، ص140. البرعي، نظرية الالتزام في القاانون المغربي، ص221.

([92]) الترمانيني ، نظرية الظروف الطارئة ، ص140-141. لقمان، الظروف الاستثنائية، ص59.

([93]) الدريني، النظريات الفقهية، ص150. الزحيلي، نظرية الضرورة الشرعية، ص318-319. المعينى، النظرية العامة للضرورة، ص157. العدوي، أصول المعاملات، ج1، ص293. عبد العال، النظرية العامة في العقود الإدارية، ج2، ص152.

([94]) محمد أمين بن السيد عمر الشهير بابن عابدين (ت 1252ﻫ/1857م)، حاشية رد المحتار على الدر المختار، شرح تنوير الأبصار، القاهرة، مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده، 1984، (ط3)، ج5، ص197.

([95]) الدريني، النظريات الفقهية، ص150. الثلب، الظروف الطارئة، ص153.

([96]) الكاساني، بدائع الصنائع، ج4، ص197. الزيلعي، تبيين الحقائق، ج5، ص447. نظام، الفتاوى الهندية، ج4، ص458.

([97]) ابن رشد، بداية المجتهد، ج2ص156. مالك، المدونة الكبرى، ج12، ص37-38. الثلب، الظروف الطارئة، ص160.

([98]) مرقس، نظرية العقد، ص342. حجازي، النظرية العامة للالتزام، ج2، ص197. تناغو، نظرية الالتزام، ص148-149. الترمانيني، نظرية الظروف الطارئة، ص157. سلطان، مصادر الالتزام، ص229.

([99]) انظر: الدريني، النظريات الفقهية، ص148.

([100]) الزحيلي، نظرية الضرورة الشرعية، ص139. المعيني، النظرية العامة للضرورة، ص157. الترمانيني، نظرية الظروف الطارئة، ص158. عامر، القوة الملزمة للعقد، ص89. السنهوري، نظرية العقد، ص971.

([101]) الترمانيني، نظرية الظروف الطارئة، ص159. بولحية جميلة، نظرية الظروف الطارئة، ص121. لقمان، الظروف الاستثنائية، ص60.

([102]) بولحية جميلة، نظرية الظروف الطارئة، ص123. عمر، العقد والإرادة المنفردة، ص278.

([103]) المصادر السابقة.

([104]) حجازي، النظرية العامة للالتزام، ج2، ص198. العدوي، أصول المعاملات، ج1، ص293. البرعي، نظرية الالتزام، ص221. مرقس، نظرية العقد، ص343.

([105]) السنهوري، الوسيط، ج1، ص745. السنهوري، مصادر الحق، ج6، ص25.

([106]) السنهوري، الوسيط، ج1، ص745. تناغو، نظرية الالتزام، ص149. مرقس، نظرية العقد، ص343. عبد العال، النظرية العامة في العقود الإدارية، ج2، ص154. عمر، العقد والإرادة المنفردة، ص273. بولحية جميلة، نظرية الظروف الطارئة، ص122.

([107]) بولحية جميلة، نظرية الظروف الطارئة، ص124.

([108]) المصدر السابق.

([109]) السنهوري، الوسيط، ج1، ص645. الترمانيني، نظرية الظروف الطارئة، ص162. عبد العال، النظرية العامة في العقود الإدارية، ج2، ص153. لقمان، الظروف الاستثنائية، ص61-62.

([110]) بولحية جميلة، نظرية الظروف الطارئة، ص124-125. الترمانيني، نظرية الظروف الطارئة، ص162.

([111]) المصدر السابق.

([112]) المصدر السابق.

([113]) الترمانيني، نظرية الظروف الطارئة، ص163. عمر، العقد والإرادة المنفردة، ص276. لقمان، الظروف الاستثنائية، ص62.

([114]) الترمانيني، نظرية الظروف الطارئة، ص163.

([115]) الدريني، نظرية الظروف الطارئة في الفقه الإسلامي المقارن، ص158-159.

([116]) السنهوري، الوسيط، ج1، ص647. طلبة، الوسيط في القانون المدني، ج1، ص416. البرعي، نظرية الالتزام في القانون المغربي، ص222. عبد الرحمن، الوسيط في النظرية العامة للالتزام، ص498. حجازي، النظرية العامة للالتزام، ج1، ص200. لقمان، الظروف الاستثنائية التي تطرأ على العقد بعد إبرامه، ص63.

([117]) ابن قدامة، المغني، ج6، ص30.

([118]) قرارات مجلس المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي من دورته الأولى عام 1398ﻫ، ص99-104.

([119]) السنهوري، الوسيط، ج1، ص647. طلبة، الوسيط

     في القانون المدني، ج1، ص416. البرعي، نظرية الالتزام في القانون المغربي، ص222. عبد الرحمن، الوسيط، ص498. حجازي، النظرية العامة للالتزام، ج1، ص200. لقمان، الظروف الاستثنائية التي تطرأ على العقد بعد إبرامه، ص63.

([120]) محمد أمين بن السيد عمر عابدين (ت 1252ﻫ/ 1857م)، مجموعة رسائل ابن عابدين، بيروت، دار إحياء التراث العربي، ص55.

([121]) قرارات مجلس المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي من دورته الأولى عام 1398ﻫ، ص99-104.

([122]) السنهوري، الوسيط، ج1، ص647. طلبة، الوسيط في القانون المدني، ج1، ص416. البرعي، نظرية الالتزام في القانون المغربي، ص222. عبد الرحمن، الوسيط، ص498. حجازي، النظرية العامة للالتزام، ج1، ص200. لقمان، الظروف الاستثنائية التي تطرأ على العقد بعد إبرامه، ص63.

([123]) محمد عرفة الدسوقي (ت1230ﻫ/1835م)، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، بيروت، دار الفكر ج3، ص183. ابن رشد، بداية المجتهد، ج2، ص188. أحمد بن غنيم بن سالم بن مهنا النفراوي المالكي (ت 1125ﻫ/ 1730م)، الفواكه الدواني، بيروت، دار الفكر، ج2، ص141. ابن قدامة، المغني، ج4، ص119. أحمد بن أحمد بن عبدالحليم بن تيمية الحراني(ت 728ﻫ/ 1333م)، مجموع الفتاوى، بيروت، مؤسسة الرسالة، 1978، (ط1)، ج30، ص279.

([124]) نظام، الفتاوى الهندية، ج4، ص445. وانظر: الحصفكي، الدر المنتقى، ج2، ص401.

([125]) محمد بن عبد الرحمن المغربي المعروف بالحطاب (ت 954ﻫ/1534م)، مواهب الجليل لشرح مختصر خليل، بيروت، دار الفكر، 1992، (ط3)، ج5، ص432.

([126]) ابن تيمية، مجموع الفتاوى، ج30، ص311.

([127]) السنهوري، الوسيط، ج1، ص647. طلبة، الوسيط في القانون المدني، ج1، ص416. حجازي، النظرية العامة للالتزام، ج1، ص200.

([128]) السنهوري، الوسيط، ج1، ص641. الترمانيني، نظرية الظروف الطارئة، ص34.

([129]) المصدر السابق.

([130]) السنهوري، الوسيط، ج1، ص641. الترمانيني، نظرية الظروف الطارئة، ص34.

([131]) زين الدين بن إبراهيم بن محمد بن بكر الشهير بابن نجيم (ت 970ﻫ/1518م)، البحر الرائق شرح كنز الدقائق، بيروت، دار المعرفة، 1993، ج8، ص41. محمد بن يوسف بن أبي القاسم العبدري الشهير بالمواق (ت897ﻫ/ 1477م)، التاج والإكليل لمختصر خليل، بيروت، دار الفكر، 1992، (ط3)، ج5، ص433. إبراهيم بن علي الشيرازي الفيروزآبادي (ت 476ﻫ/ 1024م)، المهذب، القاهرة، شركة مكتبة مصطفى البابي الحلبي، ج1، ص405. ابن قدامة، المغني، ج5، ص418.

([132]) الزيلعي، تبيين الحقائق، ج5، ص143-144.

رقم البحث [ السابق --- التالي ]




اقرأ أيضا

دراسات وبحوث

   حكم اجتماع العقود في صفقةواحدة "دراسة تأصيلية تطبيقية معاصرة"

الفتاوى

   حكم عقد الاستصناع لدى شركة سندكم

   حكم المرابحة في صناديق الائتمان في وزارة التنمية الاجتماعية

   من صور استثمار الأراضي

   القبض الحكمي في العقود يقوم مقام القبض الحقيقي بشروط

   حكم عقد التأمين الخاص بمركز الحسين للسرطان


التعليقات

 

الاسم *

البريد الإلكتروني *

الدولة

عنوان التعليق *

التعليق *

Captcha
 
 

تنبيه: هذه النافذة غير مخصصة للأسئلة الشرعية، وإنما للتعليق على الموضوع المنشور لتكون محل استفادة واهتمام إدارة الموقع إن شاء الله، وليست للنشر. وأما الأسئلة الشرعية فيسرنا استقبالها في قسم " أرسل سؤالك "، ولذلك نرجو المعذرة من الإخوة الزوار إذا لم يُجَب على أي سؤال شرعي يدخل من نافذة " التعليقات " وذلك لغرض تنظيم العمل. وشكرا