اسم المفتي : سماحة المفتي العام السابق الدكتور نوح علي سلمان

الموضوع : حكم عمليات تحديد جنس الجنين

رقم الفتوى : 733

التاريخ : 11-05-2010

السؤال :

كتاب من معالي رئيس ديوان التشريع والرأي حول قانون التقنيات الطبية المساعدة على الإنجاب؟

الجواب :

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
لقد درس مجلس الإفتاء مشروع قانون التقنيات الطبية المساعدة على الإنجاب من خلال عملية أطفال الأنابيب، وتداول أعضاء المجلس الكريم هذا الموضوع من كل جوانبه، واستذكروا ما قاله الفقهاء عندما تناقشوا في مسألة أطفال الأنابيب من خلال مؤتمرات مجمع الفقه الإسلامي الذي عقد في عمان بتاريخ: 8-13/صفر/1407هـ، الموافق: 11-16/10/1986م، وكانوا بين معارض ومؤيد: ومما قاله المعارضون: إن عملية أطفال الأنابيب يترتب عليها المحاذير الشرعية التالية:
1- كشف العورة المغلظة للمرأة، وفي أكثر الأعضاء حرجًا، ولأمر لا تتوقف عليه حياة المرأة.
2- الخشية من اختلاط الأنساب خلال عملية تحضير ماء الرجل وبويضة المرأة بالتلقيح، ووقوع هذا بسبب الخطأ وارد، واحتماله عمدًا بسبب فساد الذمم وارد أيضا، فقد فسدت الذمم لدرجة أن كل الدول تشكوا من الفساد، وتشكل هيئات لمحاربته، فيخشى من استبدال ماء الزوج أو بويضة المرأة بناءً على طلب أحد الزوجين، أو رغبة من الطبيب في إظهار مقدرته على علاج العقم مما يجلب له الشهرة والثروة.
ومع ذلك أقرت الأكثرية عملية أطفال الأنابيب، مراعاة لحرص الإنسان على الإنجاب، والتي تعد قريبة من حرصه على الحياة، وحفظ الحياة أحد الضرورات الخمس التي راعاها التشريع الإسلامي، هذا من جهة.
ومن جهة أخرى خوفاً من إجراء هذه العمليات خارج البلدان الإسلامية حيث لا تراعى الاعتبارات الشرعية.
لكن شرط المجيزون لهذه العملية اتخاذ الاحتياطات الصارمة لمنع اختلاط الأنساب، وأن يكون تجنب المحاذير الأخرى حسب الإمكان؛ لأن الضرورات تقدر بقدرها.
وفي موضوع اختيار جنس الجنين من خلال عملية أطفال الأنابيب لا توجد هذه الضرورة التي تباح من أجله هذه المحاذير، فالذكر والأنثى كلاهما ولد، تبقى من خلالهما الذرية، وحسبنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت ذريته من خلال ابنته فاطمة الزهراء رضي الله عنها، وكراهية البنات من أخلاق الجاهلية التي ندد الله بها في قوله: (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ . يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ) النحل/58-59، وكان هذا التكريم للمرأة من مفاخر الشريعة الإسلامية التي لم يدركها غير المسلمين إلا في قرون متـأخرة، وما عملوا بها على وجهها.
والادعاء بأن الرغبة في الأنثى إلى جانب الأبناء الذكور كالرغبة في وجود الابن إلى جانب البنات دعوى غير صحيحة، فلا نلاحظ مشكلة عند من كان نصيبه في الإنجاب الذكور فقط، ولكن نرى الرغبة الشديدة في وجود الابن الذكر لدى من رزق البنات فقط، وهذه الرغبة لا تبرر أن نستبيح المحظورات التي تترتب على عملية أطفال الأنابيب؛ لأن الرغبة في الابن الذكر لا تسمو إلى درجة الرغبة في الإنجاب.
ولذا يرى مجلس الإفتاء ما يلي:
1- أن عملية اختيار جنس الجنين بواسطة أطفال الأنابيب للقادر على الإنجاب من غير هذه الوسيلة لا تجوز، وفي البنات ما يغني عن البنين.
2- غير القادر على الإنجاب إلا من خلال عملية أطفال الأنابيب لا بأس في حقه من عملية اختيار جنس الجنين؛ لأن المحاذير واقعة لا محالة.
3- وهناك أساليب أخرى لاختيار جنس الجنين تتحدث عنها الأوساط الطبية، ولا تترتب عليها محاذير شرعية، فلا بأس بها، كالنظام الغذائي، والغسول الكيميائي، وتوقيت الجماع، وتناول بعض الأطعمة.
4- اختيار جنس الجنين تفاديًا لأمراض وراثية تصيب الذكور دون الإناث أو العكس، فيجوز عندئذٍ التدخل من أجل الضرورة العلاجية، مع مراعاة الضوابط الشرعية المقررة، وعلى أن يكون ذلك بقرار من لجنة طبية لا يقل عدد أعضائها عن ثلاثة من الأطباء العدول، تقدم تقريرًا طبيًّا بالإجماع، يؤكد أن حالة المريضة تستدعي هذا التدخل الطبي خوفاً على صحة الجنين من المرض الوراثي.
5- ويوصي المجلس بضرورة إيجاد رقابة مباشرة ودقيقة على المستشفيات والمراكز الطبية التي تقوم بهذه العمليات، كيلا يحصل بعض المحاذير. والله أعلم.