اسم المفتي : سماحة المفتي العام السابق الدكتور نوح علي سلمان

الموضوع : الجمع بين الصلاتين بعذر المطر

رقم الفتوى : 699

التاريخ : 10-05-2010

السؤال :

وردنا من الإخوة المصلين في مسجد النور/ المدينة الرياضية مجموعة من الأسئلة المتعلقة بمسألة الجمع بين الصلاتين بعذر المطر: السؤال الأول: ما هي الشروط الصحيحة التي تلزمنا كمصلين للجمع بين الصلاتين؟ السؤال الثاني: إذا لم يلتزم بعض المصلين بهذه الشروط، وأصروا على الجمع بين الصلاتين، فهل يلزم الطرف الآخر التنبيه على أن شروط الجمع غير متوفرة، وذلك من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ وهل يأثم إذا لم يفعل؟ السؤال الثالث: إذا لزم الطرف الثاني التنبيه من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهل يلزمه تكرار ذلك مع تكرار الجمع، أم يكفيه مرة واحدة لرفع الإثم عن نفسه؟

الجواب :

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
الجمع بين الصلاتين بعذر المطر رخصة في شريعتنا، ثبتت في السنة النبوية من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: (صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا فِي غَيْرِ خَوْفٍ وَلا سَفَرٍ ) رواه مسلم (705)، ورواه مالك في "الموطأ" (رقم/480) ثم قال: أرى ذلك كان في مطر. ومثله قال الشافعي في "الأم" (1/94).
كما ثبت الجمع بين الصلاتين بعذر المطر عن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم من الصحابة، وهو قول جمهور العلماء.
ثم فصَّل الفقهاء شروط الجمع في كتبهم، محصلها شروط أربعة:
1. نية الجمع خلال الصلاة الأولى، وعند بداية الصلاة الثانية.
2. نزول المطر في أول الصلاتين.
3. أن يكون المطر بما يبل الثياب، بمعنى يشق الذهاب إلى المسجد مع وجوده.
4. أن تكون صلاة الجماعة في المسجد.
ويمكن مراجعة هذه الشروط بتوسع في كتاب "الأم" للإمام الشافعي (1/94).
والإمام الراتب هو الذي له حَقُّ الجزم بانطباق شروط الجمع من عدمها، وليس لأحد من المصلين الاعتراض عليه في المسجد، سواء كان اعتراضًا لطلب الجمع، أو لتركه؛ إذ الأصل أن لدى الإمام من العلم الشرعي ما يؤهله لاتخاذ القرار في ذلك الأمر، ولو فتح الباب لاقتراحات المصلين لحدث الخلل والاضطراب، وعلت الأصوات في المساجد، وغدت أيام الأمطار -التي هي بركات الله تنزل على عباده- نقمةً على المصلين، لما يسمعونه من صخب في مساجدهم بسبب كثرة الاعتراضات والمناقشات.
وأما من كان لديه العلم الشرعي المؤهل لتقديم النصيحة للإمام، فليكن ذلك على وجه السر والخفية، يتناصح معه في شأن انطباق شروط الجمع من عدمها، ويسمع منه حجته الشرعية، ولا يحدث فتنة في المسجد بحجة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويغفل أن العلماء ذكروا شروطًا لجواز الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، منها:
أن لا يؤدي القيام بذلك إلى مفسدة أعظم.
وأن لا يكون ثمة خلاف شرعي معتبر في المسألة المراد إنكارها أو الأمر بها.
وأن يتوقع زوال المنكر إذا أنكره.
وأما بخصوص السؤال الثالث: إذا لزم الطرف الثاني التنبيه من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهل يلزمه تكرار ذلك مع تكرار الجمع، أم يكفيه مرة واحدة لرفع الإثم عن نفسه؟
ف سبق أنه لا يلزم المأموم التنبيه جهرة في المسجد، بل لا يجوز له ذلك، وغاية ما يلزمه مدارسة الإمام في حجته الشرعية لاختياراته في مسألة الجمع بين الصلاتين، فقد ذهب فقهاء الحنابلة إلى توسيع حالات جواز الجمع لتشمل الجمع بين المغرب والعشاء في الريح الشديدة والبرد، فينبغي قبل الإنكار على الإمام المتسامح في شروط الجمع استفهام حجته ومستنده، ثم النصح بالكلمة الطيبة، والحجة والبرهان.
وإذا صلى معهم الصلاة الأولى ثم اعتزلهم في الصلاة الثانية، وصلى السنة في جانب المسجد: فهذا كافٍ في التعبير عن رأيه في الجمع. والله أعلم.