اسم المفتي : سماحة المفتي العام السابق الدكتور نوح علي سلمان

الموضوع : حكم تجميد الأجنة

رقم الفتوى : 675

التاريخ : 27-04-2010

السؤال :

ما حكم تجميد الأجنة؟

الجواب :

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
بعد الاطلاع على ما وصلت إليه يدي من بحوث طبية وفقهية في هذا الموضوع؛ أذكر هنا ما كان من نقاش بين الفقهاء عندما بحثوا موضوع أطفال الأنابيب، فقد عارضه بعضهم لأسباب منها:
1. ما فيه من كشف العورة المغلظة للمرأة عدة مرات، وفي أكثر الأماكن حرجًا، ولأمر لا تتوقف عليه حياة المرأة.
2. استخراج المني من الرجل بغير الطرق المباحة وهو الجماع الجائز شرعًا. وقد قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ . إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ . فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ) المؤمنون/5-7. ولذا حُرِّمَ الاستمناء وإن استهتر به بعضهم اليوم، فإن كثرة وقوع الحرام لا تجعله مباحًا.
3. الخشية من اختلاط الأنساب خلال عملية تحضير ماء الرجل وبويضة المرأة للتلقيح، ووقوع هذا بسبب الخطأ وارد، واحتماله عمداً بسبب فساد الذمم وارد أيضاً، فقد فسدت الذمم لدرجة أن كل الدول تشكو من الفساد، وتشكل هيئات لمحاربته، فيخشى من استبدال ماء الزوج أو بويضة المرأة بناء على طلب أحد الزوجين، أو رغبة من الطبيب في إظهار مقدرته على علاج العقم، مما يجلب له الشهرة والثروة.
ومع ذلك أقرت الأكثرية عملية أطفال الأنابيب مراعاة لرغبة الإنسان في الإنجاب، والتي تعد قريبة من رغبته في الحياة، وحفظ الحياة إحدى الضرورات الخمس، هذا من جهة، ومن جهة أخرى خوفاً من إجرائها خارج البلدان الإسلامية، حيث لا تراعى الاعتبارات الشرعية، لكن شرط المجيزون لهذه العملية اتخاذ الاحتياطات الصارمة لمنع اختلاط الأنساب، وأن يكون تجنب المحاذير الأخرى حسب الإمكان؛ لأن الضرورات تقدر بقدرها.
أما قضية حفظ البويضات الملقحة فله عدة أغراض، منها:
1. حقنها مرة أخرى في رحم الأم إذا فشلت المحاولة السابقة، أي بعد شهر على الأقل من المحاولة السابقة.
2. حقنها في رحم الأم من أجل حمل جديد إذا نجحت المحاولة السابقة، أي بعد سنتين تقريباً من الحمل الأول.
3. التبرع بها أو بيعها لامرأة أخرى: وهذا موجود في بعض البلدان.
4. استعمال البويضات الملقحة في إجراء التجارب الطبية.
وغني عن القول أن الغرض الثالث غير جائز شرعًا؛ لأنه يؤدي إلى اختلاط الأنساب، والغرض الرابع غير جائز؛ لأن الإنسان أكرم عند الله من أن يكون حقلاً للتجارب، والبويضة الملقحة هي بداية خلق الإنسان.
أما الغرض الأول والثاني فهما موضع النظر:
ولا شك أن بقاء هذه البويضات لمدة شهر فأكثر في أماكن الحفظ يعرضها للاختلاط، سواء كان مقصوداً أو غير مقصود، وإذا كانت عملية أطفال الأنابيب أبيحت للضرورة، فالضرورة تقدر بقدرها، وليس هذا مما تقتضيه الضرورة.
لهذا صدر قرار مجمع الفقه الإسلامي بتحريم تجميد البويضات، بل ما زاد عن الحاجة في عملية أطفال الأنابيب تنزل فتنتهي حياتها، ولا حرج في ذلك إن شاء الله.
وإن البحوث التي كتبت، والإحصائيات التي أجريت، تدل على إمكانية اختلاط الأنساب وسهولة أمره في بنوك الأجنة، بل تدل على كثرة وقوعه، وكونه تجارة يتعاطاها بعض الذين لا يخافون الله تعالى، ولا يخشون يوم الحساب. ولهذا يجب الحذر والاحتياط، فنسب الإنسان مهم كروحه بلا شك، وهو مما ميز الله به الإنسان عن الحيوان.
لهذا يبدو لي حرمة تجميد الأجنة وإن ترتب على ذلك الألم الذي يصيب الأم من محاولة الإنجاب الجديدة. والله تعالى أعلم، وهو المستعان.