الموضوع : ترتيب الأولويات بين الحج وغيره يكون وفق الحاجة والضرورة

رقم الفتوى : 3823

التاريخ : 31-10-2023

السؤال :

نرغب أنا وزوجي في إنجاب طفل، وقد قام زوجي بجمع المال لحج بيت الله الحرام نظراً لوجودنا في السعودية اغتناماً للفرصة، ونحن الآن بين خيارين: اختيار إنجاب طفل وتأجيل الحج لعامين آخرين؛ نظراً لصعوبة ترك الطفل عند أحد قبل أن يتم سنة، أو تقديم الحج وتأخير الإنجاب، فأيهما أولى، وبماذا تنصحونني؟

الجواب :

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله 

يجب الحج على المكلف المستطيع؛ لقول الله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} [آل عمران:97]، والاستطاعة هي: أن يملك المرء من المال ما يستطيع أن يحج به، وأن يكون ذلك المال فاضلاً عن حاجاته الضرورية: من مسكن ونفقة ونحوهما، قال شيخ الإسلام الإمام ابن حجر الهيتمي رحمه الله: "والاستطاعة... وجود الزاد وأوعيته... ومؤنة ذهابه وإيابه اللائقة به من نحو ملبس ومطعم... ووجود راحلة" [المنهاج القويم شرح المقدمة الحضرمية ص/ 270].

وترتيب الأولويات يكون وفق الحاجة والضرورة؛ لأن الحج وإن كان واجباً إلا أنه على التراخي، قال شيخ الإسلام الإمام النووي رحمه الله: "لو ملك فاضلاً –عن حاجاته- واحتاج إلى النكاح لخوفه العنت، فصرف المال إلى النكاح أهم من صرفه إلى الحج... وعللوه بأن حاجة النكاح ناجزة، والحج على التراخي، والسابق إلى الفهم منه: أنه لا يجب الحج والحالة هذه، ويصرف ما معه في النكاح" [روضة الطالبين 3/ 7]، وكل صاحب حاجة أقدر من غيره على تحديد أولوياته؛ فطباع الناس وعاداتهم واحتياجاتهم مختلفة.

وأما الإنجاب؛ فلا شك في أنه من مقاصد الشريعة الكبرى في حفظ النسل، ولكنه أمر يمكن تأجيله، وليس بالحاجة الملحة خاصة إن كانت الزوجة شابة.

وعليه؛ فالحج ركن من أركان الإسلام وعبادة عظيمة تنبغي المبادرة إليها؛ لقول الله تعالى: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} أي: فبادروا وسارعوا [تفسير الطبري 3/ 196]، إلا أنّ وجوبه على التراخي، فتجري عليه قواعد فقه الأولويات عند التعارض. والله تعالى أعلم.