الموضوع : إسبال الثوب جائز إذا كان لغير التكبر والخيلاء

رقم الفتوى : 3400

التاريخ : 12-07-2018

السؤال :

ما المقصود بالإسبال الوارد في الأحاديث، وهل يدخل لبس البنطال تحت مسمى الإسبال؟

الجواب :

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله 

الإسبال هو إطالة الثوب أسفل من الكعبين أي العظمان الناتئان أسفل الساق.

وإسبال البنطال جائز بشرط أن لا يقصد بإسباله التكبر والخيلاء، لقول النَّبِي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاَءَ لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ). قَالَ أَبُو بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَحَدَ شِقَّىْ إِزَارِي يَسْتَرْخِى، إِلاَّ أَنْ أَتَعَاهَدَ ذَلِكَ مِنْهُ. فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: لَسْتَ مِمَّنْ يَصْنَعُهُ خُيَلاَءَ) رواه البخاري.

فالإسبال يقصد فيه معنى الخيلاء في زمن الجاهلية، بحيث يرتديه لابسه ليتكبر به أمام الناس؛ لأن العرف كان كذلك، وعلة التحريم منصوصة في حديث سيدنا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما السابق.

ولذلك عقد الإمام البخاري رحمه الله في كتابه [الجامع الصحيح] باباً أسماه "باب من جر إزاره من غير خيلاء"، وأورد فيه حديث الإسبال، وذكر فيه حديث (مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاَءَ)، ثم أعقبه بحديث أبي بكرة رضي الله عنهما أنه قال: خَسَفَتِ الشَّمْسُ وَنَحْنُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَامَ يَجُرُّ ثَوْبَهُ مُسْتَعْجِلًا، حَتَّى أَتَى المَسْجِدَ، وَثَابَ النَّاسُ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَجُلِّيَ عَنْهَا، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا، وَقَالَ: (إِنَّ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهَا شَيْئًا فَصَلُّوا، وَادْعُوا اللَّهَ حَتَّى يَكْشِفَهَا)، وهذا الصنيع يدل على أن الإمام البخاري أراد أن يوجه حديث الإسبال ويقيده بالخيلاء والكبر.

قال الإمام النووي رحمه الله: "وأما قوله صلى الله عليه وسلم: المسبل إزاره، فمعناه: المرخي له الجار طرفه خيلاء كما جاء مفسراً في الحديث الآخر (لا ينظر الله إلى من يجر ثوبه خيلاء) والخيلاء الكبر، وهذا التقييد بالجر خيلاء يخصص عموم المسبل إزاره، ويدل على أن المراد بالوعيد من جره خيلاء، وقد رخص النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك لأبي بكر الصديق رضي الله عنه، وقال: لست منهم؛ إذ كان جره لغير الخيلاء، وقال الإمام أبو جعفر محمد بن جرير الطبري وغيره وذكر إسبال الإزار وحده؛ لأنه كان عامة لباسهم، وحكم غيره من القميص وغيره حكمه، قلت: وقد جاء ذلك مبيناً منصوصاً عليه من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم من رواية سالم بن عبد الله عن أبيه رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الإسبال في الإزار والقميص والعمامة من جر شيئاً خيلاء لم ينظر الله تعالى إليه يوم القيامة) رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه بإسناد حسن. والله أعلم" [شرح النووي على مسلم 2/ 116].

وكذا حديث (مَا أَسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ مِنَ الإِزَارِ فَفِي النَّارِ)، فمحمول على حديث الخيلاء والكبر. والله تعالى أعلم