الموضوع : حكم اقتداء المأموم بالإمام إذا لم يكونا في نفس البناء

رقم الفتوى : 3108

التاريخ : 10-09-2015

السؤال :

هل يجوز للحاج أو المعتمر المقيم في الفنادق المحيطة بالحرمين أن يأتم بإمام الحرم من غرفته أو من مصلى فندقه، خصوصاً أن الفنادق المحيطة بالحرم المكي تربط سماعات غرفها بسماعات الحرم أذاناً وإقامة وصلاة؟

الجواب :

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله 

حدد الفقهاء للقدوة بالإمام شروطاً خاصة، من بينها علم المأموم بأفعال الإمام ليتمكن من متابعته، ويشمل العلمُ العلمَ بالرؤية أو بالسماع، وهذا إذا كانا في نفس المبنى، أما إذا كانا في بناءين مختلفين، فقد اختلف الفقهاء في ذلك على قولين:

القول الأول: عدم صحة اقتداء المأموم للإمام، وهو مذهب الجمهور من الحنفية والشافعية ورواية عند الحنابلة.

قال ابن عابدين من الحنفية: "فقد تحرر بما تقرر أن اختلاف المكان مانع من صحة الاقتداء ولو بلا اشتباه، وأنه عند الاشتباه لا يصح الاقتداء وإن اتحد المكان، ثم رأيت الرحمتي قرر كذلك، فاغتنم ذلك" [رد المحتار 1/ 588].

وجاء في [مغني المحتاج 1/ 495] -من كتب الشافعية- ما نصه: "إذا جمعهما مسجد صح الاقتداء وإن بعدت المسافة بينهما فيه، وحالت أبنية كبئر وسطح ومنارة تنفذ أبوابها...، واعلم أن التسمير للأبواب يخرجها عن الاجتماع، فإن لم تتنافذ أبوابها إليه أو لم يكن التنافذ على العادة، فلا يعد الجامع بها مسجداً واحداً، وإن خالف في ذلك البلقيني فيضر الشباك، فلو وقف من ورائه بجدار المسجد ضرّ".

وعند الحنابلة روايتان عن الإمام أحمد، قال ابن قدامة رحمه الله: "فإن كان بين الإمام والمأموم حائل يمنع رؤية الإمام، أو من وراءه، فقال ابن حامد: فيه روايتان: إحداهما: لا يصح الائتمام به. اختاره القاضي؛ لأن عائشة قالت لنساء كن يصلين في حجرتها: "لا تصلين بصلاة الإمام، فإن كن دونه في حجاب"، ولأنه لا يمكنه الاقتداء في الغالب" [المغني 3/ 45].

القول الثاني: جواز صلاة المأموم بالإمام وهو مذهب المالكية، ورواية عند الحنابلة.

قال في [مختصر خليل 1/ 41]: "ومسمع واقتداء به أو برؤية وإن بدار".

وجاء في [المدونة 1/ 175-176]: "قال مالك: ولو أن دوراً محجوراً عليها، صلى قوم فيها بصلاة الإمام في غير جمعة، فصلاتهم تامة، إذا كانت لتلك الدور كوى ومقاصير يرون منها ما يصنع الناس أو الإمام، فيركعون بركوعه، ويسجدون بسجوده،فذلك جائز، وكذلك إذا لم يكن لها كوى ولا مقاصير يرون ما يصنع الناس والإمام، إلاأنهم يسمعون الإمام، فيركعون بركوعه، ويسجدون بسجوده".

وقال ابن قدامة: "والثانية: يصح... ولأنه أمكنه الاقتداء بالإمام، فصح اقتداؤه به من غير مشاهدة كالأعمى، ولأن المشاهدة تراد للعلم بحال الإمام، والعلم يحصل بسماع التكبير، فجرى مجرى الرؤية، ولا فرق بين أن يكون المأموم في المسجد، أو في غيره. واختار القاضي أنه يصح إذا كانا في المسجد، ولا يصح في غيره" [المغني3/ 45].

وعليه؛ فإننا نفتي بعدم جواز اقتداء المأموم بالإمام إذا لم يكونا في نفس البناء ولو علم المأموم بانتقالات إمامه، لكن لو وقع ذلك فالصلاة صحيحة على قول من أجازها. والله تعالى أعلم