محاضرة حول حقوق الإنسان

أضيف بتاريخ : 13-12-2018


عقدت دائرة المكتبة الوطنية بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الانسان ندوة بعنوان: " حقوق الأنسان في منظور إسلامي والحق في التعبير عن الرأي من خلال وسائل التواصل الاجتماعي"، بمشاركة كل من مفتي العاصمة الدكتور محمد يونس الزعبي والمحامي الدكتور غالب شنيكات.

وألقى الزعبي محاضرة حول حقوق الإنسان في الإسلام أشار فيها إلى أن نظرة الإسلام لحقوق الإنسان منبثقة من نظرته إلى الإنسان على أنه خليفة الله في الأرض وقد استخلفه الله فيها لعمارتها وازدهارها، وبالتالي حفظ له حقوقه في مختلف مناحي الحياة.

ثم سلط الضوء على بعض حقوق الإنسان في الإسلام والتي عززت من إنسانيته في المشهد الإنساني ومن ذلك:

أولا: إن الإسلام رعى حق الإنسان قبل أن يولد فجعل من حق الإنسان أن يختار له والده أماً صالحه قبل الزواج وكلنا يعلم قصه ذلك الوالد الذي جاء إلى عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – يشكو إليه عقوق ابنه، فأحضر عمر الولد وابنه وأنّبه على عقوقه لأبيه، ونسيانه لحقوقه، فقال الولد: يا أمير المؤمنين أليس للولد حقوق على أبيه؟ قال: بلى، قال: فما هي يا أمير المؤمنين؟ قال عمر: أن ينتقي أمه ويحسن اسمه، ويعلمه الكتاب (أي القرآن)، قال الولد: يا أمير المؤمنين إن أبي لم يفعل شيئاً من ذلك، أما أمي فإنها زنجية كانت لمجوسي، وقد سماني جُعلاً -أي خنفساء-، ولم يعلمني من الكتاب حرفاً واحداً. فالتفت عمر إلى الرجل وقال له: جئت إلي تشكو عقوق ابنك، وقد عققته قبل أن يعقك، وأسأت إليه قبل أن يسيء إليك.

 ثانياً: إن الإسلام كفل للإنسان حق الحياة فحرم الاعتداء عليها ودعا إلى حفظها ورعايتها، {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا } [الإسراء: 33].

كما عد الإسلام الاعتداء على النفس الإنسانية اعتداء على الناس جميعا قال تعالى: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ} [المائدة: 32].

بل لقد عد الإسلام إن حق الحياة أمر مقدس، فقال عليه الصلاة والسلام: (لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ) [سنن الترمذي].

بل لقد ذهب الإسلام إلى أبعد من هذا حيث كفل للإنسان حقوقه المعنوية وحرم على الإنسان الاعتداء عليها، فقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ} [الحجرات: 11]، فحرم الإسلام السخرية والاستهزاء والشتم والاحتقار وسوء الظن بالآخرين ليتسنى للإنسان أن يمارس حقه في الحياة الحرة الآمنة.

ثالثاً: الحق في حرية المعتقد، فلقد كفل الإسلام للإنسان حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية لكل أفراد المجتمع فقرر ذلك، بقوله: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 256]، فالعقيدة الإسلامية سبيلها الأمثل الإقناع فهي لا تقبل الإكراه، وهي رسالة مفادها: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125]، ولو كان الإسلام يعتمد العنف والقهر والإكراه لترسيخ العقيده في النفوس فلن يكون هناك أقوى ولا أغلب ولا أقهر من الله قال تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} [يونس: 99].

رابعاً:حق التملك، فلقد عمد الإسلام إلى أقرار حق الفرد في التملك، هذا الحق الذي قامت عليه الأنظمة الاقتصادية العالمية على اختلافها فقال تعالى: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا } [النساء: 7] ، فجعل بذلك للمرأة ذمة مالية مستقلة لا يجوز بأي حال من الأحوال الاعتداء عليها أو أخذ جزء من مالها بغير رضاها.

هذا وقد أحاط الإسلام الملكية الفردية بسياج قوي من الحماية، وفرض عقوبات قاسيه على كل معتد عليها أياً كانت صوره هذا الاعتداء، إلا أن الإسلام وإن كفل للإنسان الملكية الفردية إلا أنه أوجب على المسلم أن يشعر بحاجة غيره وعوزهم فيمد لهم يد العون والمساعدة حتى تنعم الإنسانية كلها بتعاليم هذا الدين، {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ} [المعارج: 24].

خامساً: حق التعليم والتعلم فكانت أولى آيات القرآن الكريم الدعوة إلى العلم، فقد بين مكانه العلم والعلماء، {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ } [الزمر: 9].

سادساً: حق العمل حيث كفل الإسلام العمل لكل فرد في ظل الدولة الإسلامية، {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ } [الملك: 15]، وقال عليه الصلاة والسلام: (مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ، خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ) صحيح البخاري.

سابعا: الحق في احترام إنسانية الإنسان بغض النظر عن جنسه أو لونه أو دينه فقد روى البخاري: "إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّتْ بِهِ جِنَازَةٌ فَقَامَ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهَا جِنَازَةُ يَهُودِيٍّ، فَقَالَ: (أَلَيْسَتْ نَفْسًا)".